وَلِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ نِعْمَةٌ فِي حَقِّهَا، وَلِلرِّقِّ أَثَرٌ فِي تَنْصِيفِ النِّعَمِ إلَّا أَنَّ الْعُقْدَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فَتَكَامَلَتْ عُقْدَتَانِ، وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ أَنَّ الْإِيقَاعَ بِالرِّجَالِ.
(وَإِذَا) (تَزَوَّجَ الْعَبْدُ امْرَأَةً) بِإِذْنِ مَوْلَاهُ وَطَلَّقَهَا (وَقَعَ طَلَاقُهُ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مَوْلَاهُ عَلَى امْرَأَتِهِ)؛ لِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ حَقُّ الْعَبْدِ فَيَكُونُ الْإِسْقَاطُ إلَيْهِ دُونَ الْمَوْلَى.
إلَى مُطْلَقِ الْأَمَةِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ خَطَابَةٌ لَا تُجْدِي فِي مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ؛ (وَلِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ) أَيْ: حِلَّ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَحَلَّ النِّكَاحِ نِعْمَةٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى دُرُورِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِوَاجِ وَتَحْصِينِ الْفَرْجِ وَغَيْرِهَا، وَمَا هُوَ نِعْمَةٌ فِي حَقِّهَا يَتَنَصَّفُ بِالرِّقِّ، فَإِنَّ لِلرِّقِّ أَثَرًا فِي تَنْصِيفِ النِّعَمِ فِي الرِّجَالِ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ مِنْ التَّزَوُّجِ مَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ فَكَذَا فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ مَعَ الْحُرَّةِ وَلَا بَعْدَهَا، وَكَانَ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا إلَّا عُقْدَةً وَنِصْفًا: أَيْ: طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةٍ تَنْقِيصًا لِحِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ، (إلَّا أَنَّ الْعُقْدَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فَتَكَامَلَتْ عُقْدَتَانِ)، وَمَذْهَبُنَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَوْلُهُ: (وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ) يَعْنِي قَوْلَهُ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ» أَنَّ الْإِيقَاعَ بِالرِّجَالِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مَعْلُومٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ خَاصَّةً. أُجِيبَ بَلْ كَانَ إلَى ذِكْرِهِ حَاجَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَرِهَتْ الزَّوْجَ غَيَّرَتْ الْبَيْتَ وَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا مِنْهَا فَرُفِعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ»
(وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ امْرَأَةً وَطَلَّقَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مَوْلَاهُ عَلَى امْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ حَقُّ الْعَبْدِ) لِكَوْنِهِ مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ، وَالْعَبْدُ مُبْقًى فِيهَا عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ النِّكَاحَ دُونَ إذْنِ مَوْلَاهُ، لَكِنْ لَوْ قُلْنَا بِهِ تَضَرَّرَ الْمَوْلَى فِيهِ فَتَرَكْنَاهُ لِأَجْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute