(وَكَذَا لَوْ قَالَ اخْتَارِي اخْتِيَارَةً فَقَالَتْ: اخْتَرْت) لِأَنَّ الْهَاءَ فِي الِاخْتِيَارَةِ تُنْبِئُ عَنْ الِاتِّحَادِ وَالِانْفِرَادِ، وَاخْتِيَارُهَا نَفْسَهَا هُوَ الَّذِي يَتَّحِدُ مَرَّةً وَيَتَعَدَّدُ أُخْرَى فَصَارَ مُفَسَّرًا مِنْ جَانِبِهِ.
(وَلَوْ قَالَ: اخْتَارِي فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى الزَّوْجُ) لِأَنَّ كَلَامَهَا مُفَسَّرٌ، وَمَا نَوَاهُ الزَّوْجُ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ كَلَامِهِ (وَلَوْ قَالَ: اخْتَارِي فَقَالَتْ: أَنَا أَخْتَارُ نَفْسِي فَهِيَ طَالِقٌ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَطْلُقَ لِأَنَّ هَذَا مُجَرَّدُ وَعْدٍ أَوْ يَحْتَمِلُهُ، فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أَنَا أُطَلِّقُ نَفْسِي.
فَكَأَنَّهَا قَالَتْ اخْتَرْت مَا أَمَرْتنِي بِاخْتِيَارِهِ وَهُوَ النَّفْسُ.
وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ اخْتَارِي اخْتِيَارَةً) بَيَانُ مَا يَقُومُ مَقَامَ النَّفْسِ فِي التَّفْسِيرِ (لِأَنَّ الْهَاءَ) أَيْ التَّاءَ (فِي الِاخْتِيَارَةِ تُنْبِئُ عَنْ الِاتِّحَادِ) لِكَوْنِهَا لِلْمَرَّةِ، وَالِاتِّحَادُ إنَّمَا يَكُونُ فِي اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا لِأَنَّهُ يَتَّحِدُ مَرَّةً بِأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي نَفْسَك بِتَطْلِيقَةٍ (وَيَتَعَدَّدُ أُخْرَى) بِأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي نَفْسَك بِمَا شِئْت أَوْ بِثَلَاثٍ (فَصَارَ مُفَسِّرًا مِنْ جَانِبِهِ) بِخِلَافِ اخْتِيَارِهَا الزَّوْجَ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ لِكَوْنِهِ عِبَارَةً عَنْ إبْقَاءِ النِّكَاحِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدِّدٍ. .
وَقَوْلُهُ (وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي) ظَاهِرٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ وُقُوعَ كَلَامِ الْمَرْأَةِ مُفَسَّرًا بِذِكْرِهَا الِاخْتِيَارَةَ، كَمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ اخْتَارِي فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً، وَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ ذِكْرَ الِاخْتِيَارَةِ لَمَّا صَلَحَ لِلتَّفْسِيرِ صَارَ ذِكْرُهَا بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِ النَّفْسِ وَكِلَاهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ سَوَاءٌ. فَكَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى ذِكْرِ الِاخْتِيَارَةِ (وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي فَقَالَتْ أَنَا أَخْتَارُ نَفْسِي فَهِيَ طَالِقٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَطْلُقَ لِأَنَّ هَذَا مُجَرَّدُ وَعْدٍ) يَعْنِي إنْ أَرَادَتْ الِاسْتِقْبَالَ (أَوْ يَحْتَمِلُهُ) إنْ لَمْ تُرِدْهُ، (فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَنَا أُطَلِّقُ نَفْسِي) فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute