للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ أَنَّ هَذَا وَصْفٌ لَغْوٌ لِأَنَّ الْمُجْتَمِعَ فِي الْمِلْكِ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ كَالْمُجْتَمِعِ فِي الْمَكَانِ، وَالْكَلَامُ لِلتَّرْتِيبِ وَالْإِفْرَادُ مِنْ ضَرُورَاتِهِ، فَإِذَا لَغَا فِي حَقِّ الْأَصْلِ لَغَا فِي حَقِّ الْبِنَاءِ (وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً فَهِيَ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) لِأَنَّهَا لِلْمَرَّةِ فَصَارَ كَمَا إذَا صَرَّحَتْ بِهَا وَلِأَنَّ الِاخْتِيَارَةَ لِلتَّأْكِيدِ وَبِدُونِ التَّأْكِيدِ تَقَعُ الثَّلَاثُ فَمَعَ التَّأْكِيدِ أَوْلَى

الْأُولَى اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ فَكَانَ الْإِفْرَادُ أَصْلًا وَالتَّرْتِيبُ بِنَاءً لِكَوْنِهِ يُفْهَمُ مِنْ وَصْفِهِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ رُبَّمَا يُطْلِقُونَ الْكَلَامَ عَلَى الْمُرَكَّبِ مِنْ الْحُرُوفِ الْمَسْمُوعَةِ الْمُتَمَيِّزَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا، وَهَذَا عَلَى ذَلِكَ الِاصْطِلَاحِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْجُزْءِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ صِفَةٌ وَالصِّفَةُ مَا دَلَّتْ عَلَى ذَاتٍ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى هُوَ الْمَقْصُودُ فَيَكُونُ الْأُولَى دَالًّا عَلَى الْفَرْدِ السَّابِقِ وَمَعْنَى السَّبْقِ هُوَ الْمَقْصُودُ فَصَحَّ أَنَّ التَّرْتِيبَ أَصْلٌ وَالْإِفْرَادَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تَقُومُ إلَّا بِالذَّاتِ الَّتِي لَزِمَتْهَا الْفَرْدِيَّةُ فِي الْوُجُودِ وَهَذَا كَمَا تَرَى مَعْنًى دَقِيقٌ جَزَاهُ اللَّهُ عَنْ الْمُحَصِّلِينَ خَيْرًا (وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً فَهِيَ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) وَهُوَ وَاضِحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>