(وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا كَالتَّخْيِيرِ، وَالْوَاحِدَةُ صِفَةٌ لِلِاخْتِيَارَةِ، فَصَارَ كَأَنَّهَا قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَبِذَلِكَ يَقَعُ الثَّلَاثُ
الطَّلَاقِ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ بِهَذَا اللَّفْظِ. حَتَّى لَوْ قَالَ اخْتَرْتُك مِنْ نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي مِنْك لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَفِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ كَذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ قِيَاسًا كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ إلَّا إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَمْرِي مِنْك بِيَدِك أَوْ أَمْرُك مِنِّي بِيَدِي وَقَعَ الطَّلَاقُ فَيَنْدَفِعُ (وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي بِذَلِكَ الثَّلَاثَ فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ) وَبَيَانُهُ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ صِحَّةِ جَوَابِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ بِالِاخْتِيَارِ وَإِلَى كَيْفِيَّةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا كَالتَّخْيِيرِ فَكَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ فَجَازَ أَنْ يَقَعَ جَوَابًا لَهُ.
وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الدَّلَالَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَلِأَنَّ الْوَاحِدَةَ صِفَةُ الِاخْتِيَارَةِ (فَصَارَتْ كَأَنَّهَا قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِاخْتِيَارَةٍ وَاحِدَةٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهِيَ فِي الْأُولَى الِاخْتِيَارَةُ، وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute