للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى لَوْ قَالَ: شِئْت طَلَاقَك يَقَعُ إذَا نَوَى لِأَنَّهُ إيقَاعٌ مُبْتَدَأٌ إذْ الْمَشِيئَةُ تُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَرَدْت طَلَاقَك لِأَنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ.

الطَّلَاقِ لِأَنَّ كَلَامَهَا لَغَا بِالِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِيهَا فَيَلْغُو مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ قَوْلَهُ شِئْت طَلَاقَك قَدْ يَقْصِدُ وُجُودَهُ مِلْكًا وَقَدْ يَقْصِدُ وُجُودَهُ وُقُوعًا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِتَعْيِينِ جِهَةِ الْوُجُودِ وُقُوعًا (وَقَوْلُهُ إذْ الْمَشِيئَةُ تُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ) قِيلَ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ فِي الْأَصْلِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الشَّيْءِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَوْجُودِ، فَكَانَ قَوْلُهُ شِئْت بِمَنْزِلَةِ أَوْجَدْت وَإِيجَادُ الطَّلَاقِ بِإِيقَاعِهِ، بِخِلَافِ الْإِرَادَةِ فَإِنَّهَا فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّلَبِ، قَالَ «الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ» أَيْ طَالِبُهُ، فَإِنْ قِيلَ: ذَهَبَ عُلَمَاؤُنَا فِي أُصُولِ الدِّينِ إلَى أَنَّ الْإِرَادَةَ وَالْمَشِيئَةَ وَاحِدَةٌ فَمَا هَذِهِ التَّفْرِقَةُ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَفْرِقَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِبَادِ وَتَسْوِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>