لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ مُسْتَحْدَثٌ (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّهَا تُوجِبُ عُمُومَ الِانْفِرَادِ لَا عُمُومَ الِاجْتِمَاعِ فَلَا تَمْلِكُ الْإِيقَاعَ جُمْلَةً وَجَمْعًا (وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ شِئْت أَوْ أَيْنَ شِئْت لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَشَاءَ، وَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَلَا مَشِيئَةَ لَهَا) لِأَنَّ كَلِمَةَ حَيْثُ وَأَيْنَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَكَانِ وَالطَّلَاقُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَكَانِ فَيَلْغُو وَيَبْقَى ذِكْرُ مُطْلَقِ الْمَشِيئَةِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ الزَّمَانِ لِأَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا بِهِ حَتَّى يَقَعَ فِي زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ عُمُومًا وَخُصُوصًا.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت طَلُقَتْ تَطْلِيقَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ) وَمَعْنَاهُ قَبْلَ
وَقَوْلُهُ (فَلَا تَمْلِكُ الْإِيقَاعَ جُمْلَةً وَجَمْعًا) قِيلَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. وَقِيلَ الْجُمْلَةُ هُوَ أَنْ تَقُولَ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا، وَالْجَمْعُ أَنْ تَقُولَ طَلَّقْت وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ شِئْت) ظَاهِرٌ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا لَغَا ذِكْرُ الْمَكَانِ. بَقِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ شِئْت فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنَّهُ يَقَعُ السَّاعَةَ. أُجِيبَ بِأَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ تُفِيدَانِ ضَرْبًا مِنْ التَّأْخِيرِ، وَحَرْفَ الشَّرْطِ أَيْضًا يُفِيدُ ضَرْبًا مِنْ التَّأْخِيرِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي تَحْقِيقِ مَعْنَى التَّأْخِيرِ فَيُجْعَلَانِ مَجَازًا عَنْ حَرْفِ الشَّرْطِ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا جُعِلَا مَجَازًا عَنْ حَرْفِ الشَّرْطِ لِمَاذَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ إذَا جُعِلَا مَجَازًا عَنْ حَرْفِ إنْ، وَأَمَّا إذَا جُعِلَا مَجَازًا عَنْ كَلِمَةِ إذَا أَوْ مَتَى فَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْهُ فَلِمَ لَمْ يُجْعَلْ مَجَازًا عَنْ كَلِمَةِ إذَا أَوْ مَتَى؟ أُجِيبَ بِأَنَّ جَعْلَهُمَا مَجَازًا عَنْ إنْ أَوْلَى لِمَا أَنَّهَا لِمَحْضِ الشَّرْطِ فَكَانَتْ أَصْلًا فِي الْبَابِ، وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الزَّمَانِ لِأَنَّ لِلطَّلَاقِ تَعَلُّقًا بِهِ لِوُقُوعِهِ فِي زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ وَاقِعًا فِي مَكَان كَانَ وَاقِعًا فِي جَمِيعِ الْأَمْكِنَةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ: أَيْ اعْتِبَارُ الزَّمَانِ خُصُوصًا، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ عُمُومًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت
قَالَ (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute