وَغِلَافُهُ مَا يَكُونُ مُتَجَافِيًا عَنْهُ دُونَ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ كَالْجِلْدِ الْمُشْرَزِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَيُكْرَهُ مَسُّهُ بِالْكُمِّ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ بِخِلَافِ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ لِأَهْلِهَا حَيْثُ يُرَخَّصُ فِي مَسِّهَا بِالْكُمِّ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةٌ، وَلَا بَأْسَ بِدَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى الصِّبْيَانِ لِأَنَّ فِي الْمَنْعِ تَضْيِيعَ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَفِي الْأَمْرِ بِالتَّطْهِيرِ حَرَجًا بِهِمْ
الْقِرَاءَةُ وَلَا الْمَسُّ لِلْجُنُبِ، وَلَا الْمَسُّ لِلْمُحْدِثِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَجَزَّأُ وُجُودًا وَلَا زَوَالًا (وَغِلَافُهُ مَا كَانَ مُتَجَافِيًا عَنْهُ) أَيْ مُتَبَاعِدًا بِأَنْ يَكُونَ شَيْئًا ثَالِثًا بَيْنَ الْمَاسِّ وَالْمَمْسُوسِ، وَلَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِهِ كَالْجِلْدِ الْمُشْرِزِ فَيَنْبَغِي أَلَّا يَكُونَ تَابِعًا لِلْمَاسِّ كَالْكُمِّ وَلَا لِلْمَمْسُوسِ كَالْجِلْدِ الْمُشْرِزِ. قَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْغِلَافِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ الْجِلْدُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ الْكُمُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ الْخَرِيطَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ تَبَعٌ لِلْمُصْحَفِ وَالْكُمُّ تَبَعٌ لِلْحَامِلِ وَالْخَرِيطَةُ لَيْسَتْ بِتَبَعٍ لِأَحَدِهِمَا، فَقَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ رَدٌّ لِلْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ الثَّانِي رَدَّ الثَّانِي.
وَقَوْلُهُ: (بِخِلَافِ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ) يَعْنِي كُتُبَ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ (حَيْثُ يُرَخَّصُ لِأَهْلِهَا فِي مَسِّهَا بِالْكُمِّ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً) وَفِيهِ إشَارَةٌ أَنَّ مَسَّهَا بِلَا طَهَارَةٍ مَكْرُوهٌ.
وَقَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ بِدَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى الصِّبْيَانِ) مَعْنَاهُ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْفَعَ الطَّاهِرُونَ الْمُصْحَفَ إلَى الصِّبْيَانِ الْمُحْدِثِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يُمْنَعَ عَنْهُمْ الْمُصْحَفُ وَفِيهِ تَضْيِيعُ حِفْظِ الْقُرْآنِ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّطْهِيرِ وَفِيهِ حَرَجٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُكَلَّفُوا بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَفِي الْأَمْرِ بِالتَّطْهِيرِ وَفِي أَمْرِ الْأَوْلِيَاءِ بِتَطْهِيرِ الصِّبْيَانِ كَنَهْيِهِمْ عَنْ إلْبَاسِ الذُّكُورِ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute