لِأَنَّ بِاسْتِيفَاءِ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ الْمَمْلُوكَاتِ فِي هَذَا النِّكَاحِ لَمْ يَبْقَ الْجَزَاءُ وَبَقَاءُ الْيَمِينِ بِهِ وَبِالشَّرْطِ. وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَسَنُقَرِّرُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلَوْ دَخَلَتْ عَلَى نَفْسِ التَّزَوُّجِ بِأَنْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَرَّةٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ) لِأَنَّ انْعِقَادَهَا بِاعْتِبَارِ مَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ بِالتَّزَوُّجِ وَذَلِكَ غَيْرُ
عَدَّ كَلِمَةَ كُلٍّ مِنْ أَلْفَاظِ الشَّرْطِ وَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَمْ يَنْتَهِ الْيَمِينُ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً طَلُقَتْ، وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْرَى طَلُقَتْ كَذَلِكَ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ إلَّا فِي كُلٍّ وَكُلَّمَا. وَالثَّانِي أَنَّهُ قَالَ وَمِنْ ضَرُورَةِ التَّعْمِيمِ التَّكْرَارُ، وَالتَّعْمِيمُ فِي كَلِمَةِ كُلٍّ مَوْجُودٌ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَلَا تَكْرَارَ فِيهِ، حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ الَّتِي طَلُقَتْ ثَانِيًا لَمْ يَقَعْ الْجَزَاءُ.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ شَرْطِيَّةَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَارِ مَا يَلِيهَا مِنْ الْأَفْعَالِ لِأَنَّ الْخَطَرَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِاعْتِبَارِهِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ قَدْ انْتَهَتْ الْيَمِينُ، وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَمْ تَطْلُقْ، وَعَدَمُ الِانْتِهَاءِ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْأَسْمَاءِ لَمْ يَنْشَأْ مِنْ مَنْشَأِ الشَّرْطِ فَلَا يَكُونُ مُنَاقِضًا. وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَمِنْ ضَرُورَةِ التَّعْمِيمِ تَعْمِيمُ الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، وَالتَّعْمِيمُ فِي الْأَفْعَالِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَجَدُّدِ الْأَفْعَالِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّكْرَارِ، فَإِذَا قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الثَّلَاثِ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَتَكَرَّرَ الشَّرْطُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّ الْجَزَاءَ طَلْقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْهَا، وَبَقَاءُ الْيَمِينِ بِبَقَاءِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فَإِذَا انْتَفَى الْجَزَاءُ يَنْتَفِي الْكُلُّ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَسَيَجِيءُ (وَلَوْ دَخَلَتْ عَلَى نَفْسِ التَّزَوُّجِ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَرَّةٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ انْعِقَادَهَا بِاعْتِبَارِ مَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ بِالتَّزَوُّجِ) وَهُوَ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute