للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَنُبَيِّنُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِنْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ رَجَعْت إلَى الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ) وَقَالَ زُفَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ: يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْجَزَاءَ ثَلَاثٌ مُطْلَقٌ لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ، وَقَدْ بَقِيَ حَتَّى وُقُوعِهَا فَتَبْقَى الْيَمِينُ. وَلَنَا أَنَّ الْجَزَاءَ طَلَقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَانِعَةُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ مَا يَحْدُثُ وَالْيَمِينُ تُعْقَدُ لِلْمَنْعِ أَوْ الْحَمْلِ، وَإِذَا كَانَ الْجَزَاءُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ فَاتَ بِتَنْجِيزِ الثَّلَاثِ الْمُبْطِلِ لِلْمَحَلِّيَّةِ فَلَا تَبْقَى الْيَمِينُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَهَا لِأَنَّ الْجَزَاءَ بَاقٍ لِبَقَاءِ مَحَلِّهِ

الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الدَّارَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ الْغَلِيظَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِعَدَمِ الْهَدْمِ، وَعِنْدَهُمَا لَا لِتَحَقُّقِهِ (وَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ. وَقَالَ زُفَرُ: يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْجَزَاءَ مُطْلَقٌ لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ) إذْ لَمْ يُقَيِّدْ تَطْلِيقَاتٍ فِي مِلْكٍ دُونَ مِلْكٍ فَلَا يَتَقَيَّدُ (قَوْلُهُ وَقَدْ بَقِيَ احْتِمَالُ وُقُوعِهَا) أَيْ بِنِكَاحِهَا ثَانِيًا بَعْدَ تَزَوُّجِهَا بِزَوْجٍ آخَرَ (فَتَبْقَى الْيَمِينُ) فَإِذَا وُجِدَ الْمَحَلُّ يَقَعُ الْجَزَاءُ (وَلَنَا أَنَّ الْجَزَاءَ طَلْقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ) بِدَلَالَةِ الْحَالِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْجَزَاءَ طَلْقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَانِعَةُ؛ إذْ الظَّاهِرُ عَدَمُ مَا يَحْدُثُ، وَكُلُّ مَا كَانَ مَانِعًا عَنْ وُجُودِ الشَّرْطِ أَوْ حَامِلًا عَلَيْهِ فَهُوَ الْجَزَاءُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لِلْمَنْعِ أَوْ الْحَمْلِ وَهَاهُنَا عُقِدَتْ لِلْمَنْعِ فَيَكُونُ الْجَزَاءُ طَلْقَاتِ هَذَا الْمِلْكِ، وَإِذَا كَانَ الْجَزَاءُ ذَلِكَ وَقَدْ فَاتَ بِالتَّنْجِيزِ الْمُبْطِلِ لِلْمَحَلِّيَّةِ فَاتَ الْيَمِينُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ بَقَاءَ الْيَمِينِ بِالشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَقَدْ فَاتَ الْجَزَاءُ وَالْكُلُّ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جُزْئِهِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ انْعِقَادَ الْيَمِينِ لَوْ انْحَصَرَ فِي الْمَنْعِ وَالْحَمْلِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ إنْ حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ لَا مَنْعٌ وَلَا حَمْلٌ لِكَوْنِ الْحَيْضِ عَارِضًا سَمَاوِيًّا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْغَالِبِ الشَّائِعِ دُونَ النَّادِرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي صُورَةِ الْحَيْضِ حَتَّى يَكُونَ نَادِرًا، وَإِنَّمَا هُوَ آتٍ فِي الْوِجْدَانِيَّاتِ كَالْمَحَبَّةِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْجُوعِ وَغَيْرِهَا. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: الشَّرْطُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ هُوَ إخْبَارُهَا عَنْ ذَلِكَ وَالْحَمْلُ وَالْمَنْعُ فِيهِ مُتَصَوَّرٌ.

وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَهَا) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَقَدْ فَاتَ بِتَنْجِيزِ الثَّلَاثِ أَيْ فَاتَ الْجَزَاءُ بِتَنْجِيزِ الثَّلَاثِ الْمُبْطِلِ لِلْمَحَلِّيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَهَا بِطَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ حَيْثُ لَا يَفُوتُ الْجَزَاءُ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ، وَلِهَذَا إذَا عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ عَادَتْ بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْهَدْمِ، وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ الدَّارَ عَتَقَ مَعَ أَنَّهُ بِالْبَيْعِ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْيَمِينِ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَوْ كَانَ قَالَ لَهَا زَوْجُهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ.

وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعَبْدَ بِصِفَةِ الرِّقِّ كَانَ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ وَبِالْبَيْعِ لَمْ تَفُتْ تِلْكَ الصِّفَةُ، حَتَّى لَوْ فَاتَتْ بِالْعِتْقِ لَمْ تَبْقَ الْيَمِينُ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>