فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْ، وَإِنْ لَمْ تَرْتَدَّ بَلْ طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا فِي الْجِمَاعِ وَرِثَتْ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهَا بِالرِّدَّةِ أَبْطَلَتْ أَهْلِيَّةَ الْإِرْثِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا وَلَا بَقَاءَ لَهُ بِدُونِ الْأَهْلِيَّةِ، وَبِالْمُطَاوَعَةِ مَا أَبْطَلَتْ الْأَهْلِيَّةَ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَا تُنَافِي الْإِرْثَ وَهُوَ الْبَاقِي، بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْفُرْقَةَ فَتَكُونُ رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ السَّبَبِ، وَبَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالْمُطَاوَعَةِ لِتَقَدُّمِهَا عَلَيْهَا فَافْتَرَقَا
(وَمَنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَاعَنَ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ ﵀ لَا تَرِثُ، وَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) وَهَذَا مُلْحَقٌ بِالتَّعْلِيقِ بِفِعْلِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ إذْ هِيَ مُلْجَأَةٌ إلَى الْخُصُومَةِ لِدَفْعِ عَارِ الزِّنَا عَنْ نَفْسِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ (وَإِنْ آلَى وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ لَمْ تَرِثْ، وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ أَيْضًا فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ) لِأَنَّ الْإِيلَاءَ فِي مَعْنَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ خَالِيَةٍ
أَيْ إلَى جَعْلِ فِعْلِهَا الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ عِلَّةً لِإِسْقَاطِ حَقِّهَا
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَا تُنَافِي الْإِرْثَ) يَعْنِي بَلْ تُنَافِي النِّكَاحَ كَمَا فِي الْأُمِّ وَالْأُخْتِ. وَقَوْلُهُ (وَهُوَ) يَعْنِي الْإِرْثَ هُوَ (الْبَاقِي) وَقَوْلُهُ (فَتَكُونُ رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ السَّبَبِ) أَيْ سَبَبِ الْإِرْثِ وَهُوَ النِّكَاحُ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تَرِثُ) قِيلَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بِلِعَانِهَا لِأَنَّهُ آخِرُ اللِّعَانَيْنِ، وَكَانَ آخِرَ الْمُدَارَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: الْفُرْقَةُ إنَّمَا تَقَعُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عِنْدَنَا فَكَانَ الْقَضَاءُ آخِرَ الْمُدَارَيْنِ. أُجِيبَ بِأَنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا يَأْتِي، وَالْحُكْمُ إمَّا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ لَا بِالْقَضَاءِ.
وَوَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْفُرْقَةَ وَإِنْ كَانَتْ تَقَعُ بِلِعَانِهَا إلَّا أَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فِي ذَلِكَ لِاسْتِدْفَاعِ الْعَارِ عَنْ نَفْسِهَا وَكَانَ مُلْحَقًا بِفِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ (وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ) أَيْ فِي الْفِعْلِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فِي الْمُبَاشَرَةِ.
وَقَوْلُهُ وَإِنْ آلَى وَهُوَ صَحِيحٌ) ظَاهِرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute