فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَا تَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ﵀ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ وَالْأَمْرُ لِلْإِيجَابِ. وَلَنَا إطْلَاقُ النُّصُوصِ عَنْ قَيْدِ الْإِشْهَادِ، وَلِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ، وَالشَّهَادَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ كَمَا فِي الْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ، إلَّا أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ كَيْ لَا يَجْرِيَ التَّنَاكُرُ فِيهَا، وَمَا تَلَاهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَرَنَهَا بِالْمُفَارَقَةِ وَهُوَ فِيهَا مُسْتَحَبٌّ
اشْهَدَا عَلَيَّ بِأَنِّي رَاجَعْت امْرَأَتِي (وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا تَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ) وَهُوَ غَرِيبٌ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْإِشْهَادَ عَلَى ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَيَجْعَلُهُ شَرْطًا عَلَى الرَّجْعَةِ (لَهُمَا قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ وَالْأَمْرُ لِلْإِيجَابِ.
وَلَنَا إطْلَاقُ النُّصُوصِ فِي الرَّجْعَةِ عَنْ قَيْدِ الْإِشْهَادِ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا﴾ وَقَوْلُهُ ﵊ «مُرْ ابْنَك فَلْيُرَاجِعْهَا» وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّهُ) أَيْ الرَّجْعَةَ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ أَوْ عَلَى تَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ (اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ) كَمَا تَقَدَّمَ، وَالِاسْتِدَامَةُ إنَّمَا هِيَ حَالَةُ الْبَقَاءِ (وَالشَّهَادَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي النِّكَاحِ حَالَ الْبَقَاءِ) بِالِاتِّفَاقِ فَكَانَتْ (كَالْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ) فِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِكَوْنِهِ حَالَةَ الْبَقَاءِ (إلَّا أَنَّهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (مُسْتَحَبَّةٌ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ كَيْ لَا يَجْرِيَ التَّنَاكُرُ فِيهَا) أَيْ فِي الرَّجْعَةِ (وَمَا تَلَاهُ) يَعْنِي مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (مَحْمُولٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ دَفْعًا لِلتَّنَاكُرِ؛ فَكَانَ الْأَمْرُ لِلْإِرْشَادِ إلَى مَا هُوَ الْأَوْفَقُ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَرَنَهَا بِالْمُفَارَقَةِ حَيْثُ قَالَ ﴿أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا﴾ (وَهُوَ) أَيْ الْإِشْهَادُ (فِيهَا) أَيْ فِي الْمُفَارَقَةِ (مُسْتَحَبٌّ) فَكَذَا فِي الرَّجْعَةِ.
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْقِرَانَ فِي النَّظْمِ لَا يُوجِبُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا حُكِمَ عَلَى إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَقَارِنَتَيْنِ بِحُكْمِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ كُلُّ جُمْلَةٍ مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلَّةٌ بِحُكْمِهَا، وَإِنَّمَا تَعْقُبُهُمَا جُمْلَةٌ أُخْرَى تَعَلَّقَتْ بِهِمَا وَإِحْدَاهُمَا تَقْتَضِي تَعَلُّقَهَا بِهَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْبَابُ، فَكَذَلِكَ الْأُخْرَى لِئَلَّا يَلْزَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute