(وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ) لِإِطْلَاقِهَا وَعَدَمِ الْحِنْثِ (فَإِنْ وَطِئَهَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ) لِوُجُودِ الْحِنْثِ
(فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا إيلَاءَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ،
ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَطَلَ الْإِيلَاءُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ طَلَاقٌ مُؤَجَّلٌ فَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ عَلَى التَّطْلِيقَاتِ الْمَمْلُوكَةِ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا إلَّا عِنْدَ زُفَرَ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْوَطْءِ فَلِبَقَاءِ الْيَمِينِ لِإِطْلَاقِهَا وَوُجُودِ الْحِنْثِ.
قَالَ (فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا) مِثْلَ أَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرًا وَهُوَ وَضْعُ الْمَبْسُوطِ، أَوْ قَالَ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: هُوَ مُولٍ إنْ تَرَكَ وَطْأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ، وَهَكَذَا كَانَ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلًا، فَلَمَّا بَلَغَهُ فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا إيلَاءَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ النَّصِّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ أَطْلَقَ الْإِيلَاءَ وَقَيَّدَ التَّرَبُّصَ بِمُدَّةٍ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَلَوْ مُدَّةً يَسِيرَةً كَيَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ يَلْزَمُهُ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَالتَّقْيِيدُ بِمُدَّةٍ يَكُونُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِفَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَيْفَ رَجَعَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ قَوْلِهِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَعَ فِي الْمُقَدَّرَاتِ، وَالرَّأْيُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمُقَدَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَكَانَ مَسْمُوعًا، وَلَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ خِلَافُهُ فَيُجْعَلُ تَفْسِيرًا لِلنَّصِّ لَا تَقْيِيدًا، وَتَقْرِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ تَرَبُّصُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute