للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا أَنْ ذِكْرَ الْمَالِ أَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ هُنَا، وَلِأَنَّهَا لَا تُسْلِمُ الْمَالَ إلَّا لِتَسْلَمَ لَهَا نَفْسُهَا وَذَلِكَ بِالْبَيْنُونَةِ.

(وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عِوَضًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ﴾ إلَى أَنْ قَالَ ﴿فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾ وَلِأَنَّهُ أَوْحَشَهَا بِالِاسْتِبْدَالِ فَلَا يَزِيدُ فِي وَحْشَتِهَا بِأَخْذِ الْمَالِ

مِنْ الْكِنَايَاتِ لَكَانَتْ النِّيَّةُ شَرْطًا وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنَّ ذِكْرَ الْمَالِ أَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ هَاهُنَا) وَقَدْ قِيلَ فِي بَيَانِهِ إنَّ الْخُلْعَ يَحْتَمِلُ الِانْخِلَاعَ عَنْ اللِّبَاسِ أَوْ عَنْ الْخَيْرَاتِ أَوْ عَنْ النِّكَاحِ، فَلَمَّا ذَكَرَ الْعِوَضَ تَعَيَّنَ الِانْخِلَاعُ عَنْ النِّكَاحِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ (وَلِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ الْمَالَ إلَّا لِتَسْلَمَ لَهَا نَفْسُهَا وَذَلِكَ بِالْبَيْنُونَةِ).

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ) يُقَالُ نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ: إذَا اسْتَعْصَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَبْغَضَتْهُ. وَعَنْ الزَّجَّاجِ: النُّشُوزُ يَكُونُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَهِيَ كَرَاهَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ (يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ فَإِنْ قِيلَ: النَّهْيُ وَرَدَ عَنْ فِعْلٍ حِسِّيٍّ وَهُوَ الْأَخْذُ وَمِثْلُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَشْرُوعِيَّةِ، ثُمَّ هُوَ مُؤَكَّدٌ بِتَوَاكِيدَ هِيَ قَوْلُهُ ﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾. ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ فَكَيْفَ الْجَوَازُ مَعَ الْكَرَاهَةِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ النَّهْيَ وَإِنْ وَرَدَ عَنْ فِعْلٍ حِسِّيٍّ وَلَكِنَّهُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ وَهُوَ زِيَادَةُ الْإِيحَاشِ فَلَا يَعْدَمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ فِي نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>