فِي الْجِنْسِ الْمُتَّحِدِ غَيْرُ مُفِيدٍ فَتَلْغُو، وَفِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ مُفِيدَةٌ، وَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ هَاهُنَا بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ. نَظِيرُ الْأَوَّلِ إذَا صَامَ يَوْمًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ عَنْ يَوْمَيْنِ يَجْزِيه عَنْ قَضَاءِ يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَنَظِيرُ الثَّانِي إذَا كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّمْيِيزِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فِي الْجِنْسِ الْمُتَّحِدِ لَغْوٌ) قِيلَ مَعْنَاهُ نَوَى التَّوْزِيعَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَكَانَ لَغْوًا، وَإِذَا لَغَتْ صَارَ كَأَنَّهُ أَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ الظِّهَارَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ عَنْهُمَا، وَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْكَفَّارَتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِأَنَّهُ نَوَى التَّوْزِيعَ فِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ وَكَانَتْ مُعْتَبَرَةً فَلَا يَكُونُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ. فَإِنَّ الْحُكْمَ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ بِالْإِعْتَاقِ فِي الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَاحِدٌ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ هَاهُنَا بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ) فَإِنَّ الْقَتْلَ يُخَالِفُ الظِّهَارَ لَا مَحَالَةَ، وَاخْتِلَافُ السَّبَبِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَلْزُومُ السَّبَبِ، وَاخْتِلَافُ اللَّوَازِمِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَلْزُومَاتِ. وَلَمَّا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ صَحَّتْ النِّيَّةُ فَكَانَ إعْتَاقَ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الرَّقَبَةِ فَلَا يَجُوزُ، ثُمَّ نَظَرَ الْمُصَنِّفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجِنْسَيْنِ الْمُتَّحِدِ وَالْمُخْتَلِفِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ فَقَالَ (نَظِيرُ الْأَوَّلِ) يَعْنِي الْجِنْسَ الْمُتَّحِدَ (إذَا صَامَ يَوْمًا قَضَاءَ رَمَضَانَ عَنْ يَوْمَيْنِ يَجْزِيهِ عَنْ قَضَاءِ يَوْمٍ وَاحِدٍ) بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ إلْغَاءِ نِيَّةِ التَّوْزِيعِ وَبَقَاءِ أَصْلِ النِّيَّةِ إذْ الْجِنْسُ مُتَّحِدٌ (وَنَظِيرُ الثَّانِي) يَعْنِي الْجِنْسَ الْمُخْتَلِفَ (إذَا كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّمْيِيزِ) فَإِنْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ أَنْ يَصُومَ غَدًا عَنْهُمَا كَانَتْ النِّيَّةُ مُعْتَبَرَةً وَلَا يَصِيرُ صَائِمًا إذْ الْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ.
وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِمَا إذَا نَوَى عَنْ قَضَاءِ ظُهْرَيْنِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْجِنْسَ مُتَّحِدٌ وَتَعْيِينُ النِّيَّةِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا لَا يَقَعُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ اتِّحَادَ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْخِطَابِ وَالسَّبَبِ، فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبَبًا وَخِطَابًا عَلَى حِدَةٍ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّ الْجَمِيعَ ثَابِتٌ بِخِطَابٍ فَلْيَصُمْهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ إلَخْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute