وَلَنَا أَنَّ فَوْتَ الِاسْتِيفَاءِ أَصْلًا بِالْمَوْتِ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فَاخْتِلَالُهُ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ أَوْلَى، وَهَذَا لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ مِنْ الثَّمَرَاتِ وَالْمُسْتَحَقُّ هُوَ التَّمَكُّنُ وَهُوَ حَاصِلٌ.
(وَإِذَا كَانَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ أَوْ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ ﵀: لَهَا الْخِيَارُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا كَمَا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، بِخِلَافِ جَانِبِهِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِالطَّلَاقِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِيَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْجُبّ وَالْعُنَّةُ لِأَنَّهُمَا يُخِلَّانِ بِالْمَقْصُودِ الْمَشْرُوعِ لَهُ النِّكَاحُ، وَهَذِهِ الْعُيُوبُ غَيْرُ مُخِلَّةٍ بِهِ فَافْتَرَقَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
وَلَنَا أَنَّ فَوْتَ الِاسْتِيفَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ بِالْمَوْتِ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ) حَتَّى لَا يَسْقُطَ شَيْءٌ مِنْ مَهْرِهَا، فَاخْتِلَالُهُ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ أَوْلَى. قِيلَ فِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُوَقَّتٌ بِحَيَاتِهِمَا (وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ هَذِهِ الْعُيُوبِ لَا تُوجِبُ الْفَسْخَ (لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ مِنْ الثَّمَرَاتِ) وَفَوْتُ الثَّمَرَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَوْفِ لِبَخَرٍ أَوْ ذَفَرٍ أَوْ قُرُوحٍ فَاحِشَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ وَإِنَّمَا الْمُسْتَحَقُّ هُوَ التَّمَكُّنُ وَهُوَ حَاصِلٌ، أَمَّا فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْبَاقِيَيْنِ فَبِالشَّقِّ أَوْ الْفَتْقِ، «وَقَوْلُهُ ﵊ فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ» الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِرَارِ بِالطَّلَاقِ، وَكَذَا مَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَجَدَ عَلَى كَشْحِهَا بَيَاضًا فَرَدَّهَا» مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ، لِأَنَّهُ رُوِيَ " أَنَّهُ ﵊ «قَالَ لَهَا: الْحَقِي بِأَهْلِك» وَهَذَا مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهَا الْخِيَارَ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ، وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ.
(وَإِذَا كَانَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ أَوْ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا الْخِيَارُ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْوُصُولُ إلَى حَقِّهَا لِمَعْنًى فِيهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَتُخَيَّرُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا حَيْثُ لَا طَرِيقَ لَهَا سِوَاهُ، بِخِلَافِ جَانِبِهِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِالطَّلَاقِ (وَلَهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِيَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ لِأَنَّهُمَا يُخِلَّانِ بِالْمَقْصُودِ الْمَشْرُوعِ لَهُ النِّكَاحُ) وَهُوَ الْوَطْءُ لِأَنَّ شَرْعِيَّةَ النِّكَاحِ لِأَجْلِ الْوَطْءِ (وَهَذِهِ الْعُيُوبُ غَيْرُ مُخِلَّةٍ بِهِ فَافْتَرَقَا) فَإِنْ قِيلَ: قَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْوَطْءَ فِيمَا إذَا كَانَ بِالْمَرْأَةِ مِنْ الْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ مِنْ الثَّمَرَاتِ وَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ خِيَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute