وَالشَّافِعِيُّ يُقَدِّرُ الْأَكْثَرَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قَالَتْهُ سَمَاعًا إذْ الْعَقْلُ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ.
(وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ يَوْمِ اشْتَرَاهَا لَزِمَهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ)
فَإِذَا ذَهَبَ لِلْفِصَالِ عَامَانِ لَمْ يَبْقَ لِلْحَمْلِ إلَّا سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَدَرَأَ عُثْمَانُ الْحَدَّ عَنْهَا وَأَثْبَتَ النَّسَبَ مِنْ الزَّوْجِ. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَهَذَا التَّقْرِيرُ الَّذِي ذُكِرَ هُنَا فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّضَاعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ هُنَاكَ ثَلَاثِينَ شَهْرًا مُدَّةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ، ثُمَّ أَظْهَرَ الْمُنْقِصَ فِي حَقِّ الْحَمْلِ وَهَاهُنَا جَعَلَهَا مُدَّتَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ أَصَابَ مِنْهُمَا الْفِصَالَ عَامَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ أَنْ يَبْقَى لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْتِدْلَالَهُ هُنَاكَ إنَّمَا كَانَ بِالنَّظَرِ إلَى الْآيَةِ الْأُولَى وَهَاهُنَا بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَإِلَى الْأُخْرَى، وَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَظَرًا إلَى ذَاتِهَا مُفِيدَةً لِحُكْمٍ، وَبِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَإِلَى غَيْرِهَا مُفِيدَةً لِحُكْمٍ آخَرَ فَتَأَمَّلْ. (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقَدَّرُ الْأَكْثَرُ بِأَرْبَعِ سِنِينَ) وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِحِكَايَاتِ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ مَوْلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَكَذَلِكَ هَرَمُ بْنُ حَيَّانَ فَسُمِّيَ هَرَمًا لِذَلِكَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ هَكَذَا فَسُمِّيَ ضَحَّاكًا لِأَنَّهُ ضَحِكَ حِينَ وُلِدَ وَغَيْرُهُمْ (وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ ﵂، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قَالَتْهُ سَمَاعًا إذْ الْعَقْلُ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ) أَيْ إلَى مِقْدَارِ مُدَّةِ مَا فِي الرَّحِمِ.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا) يَعْنِي بَعْدَ الدُّخُولِ (ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ يَوْمِ اشْتَرَاهَا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute