لِلنَّظَرِ قَبْلَ ذَلِكَ وَاحْتِمَالِ الضَّرَرِ بَعْدَهُ (وَلَا خِيَارَ لِلْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهُمَا الْخِيَارُ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ خَيَّرَ. وَلَنَا أَنَّهُ لِقُصُورِ عَقْلِهِ يَخْتَارُ مَنْ عِنْدَهُ الدَّعَةُ لِتَخْلِيَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّعِبِ فَلَا يَتَحَقَّقُ النَّظَرُ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُخَيِّرُوا، أَمَّا الْحَدِيثُ فَقُلْنَا قَدْ قَالَ ﵊ «اللَّهُمَّ اهْدِهِ» فَوُفِّقَ لِاخْتِيَارِهِ الْأَنْظَرَ بِدُعَائِهِ ﵊، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَالِغًا.
أَحْوَالِ الْكُفْرِ فِي ذِهْنِهِ (وَلَا خِيَارَ لِلْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ) يَعْنِي بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهُمَا ذَلِكَ) إذَا بَلَغَ سِنَّ التَّمْيِيزِ وَيُسَلَّمُ إلَى مَنْ اخْتَارَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الزِّيَارَةِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأُمَّ فَعَلَى الْأَبِ مُرَاعَاتُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمَكْتَبِ وَالْحِرْفَةِ (" لِأَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ») رَوَى «رَافِعُ بْنُ سِنَانٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيمٌ، وَقَالَ رَافِعٌ ابْنَتِي فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اُقْعُدْ نَاحِيَةً وَقَالَ لَهَا اُقْعُدِي نَاحِيَةً، فَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ اُدْعُوَاهَا، فَمَالَتْ الصَّبِيَّةُ إلَى أُمِّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اللَّهُمَّ اهْدِهَا، فَمَالَتْ إلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا» (وَلَنَا أَنَّهُ لِقُصُورِ عَقْلِهِ يَخْتَارُ مَنْ عِنْدَهُ الدَّعَةُ) أَيْ الْخَفْضُ وَالرَّاحَةُ وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ (أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَالِغًا) فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي قِصَّةِ الصَّبِيَّةِ وَقَالَتْ ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيمٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَالِغًا؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ خَيَّرَ وَلَمْ يَقُلْ غُلَامًا وَلَا غَيْرَهُ لِيَتَنَاوَلَ مَا رَوَيْنَا، وَمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الصِّغَرِ» فَأَوَّلَ الْمُصَنِّفُ ﵀ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ قُلْنَا قَدْ قَالَ ﵊ إلَخْ، وَالثَّانِيَ بِقَوْلِهِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَالِغًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute