(وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَهِيَ كَبِيرَةٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ تَحَقَّقَ مِنْهَا، وَإِنَّمَا الْعَجْزُ مِنْ قِبَلِهِ فَصَارَ كَالْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ.
(وَإِذَا حُبِسَتْ الْمَرْأَةُ فِي دَيْنٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِأَنَّ فَوْتَ الِاحْتِبَاسِ مِنْهَا بِالْمُمَاطَلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بِأَنْ كَانَتْ عَاجِزَةً فَلَيْسَ مِنْهُ، وَكَذَا إذَا غَصَبَهَا رَجُلٌ كُرْهًا فَذَهَبَ بِهَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ فَوْتَ الِاحْتِبَاسِ لَيْسَ مِنْهُ لِيُجْعَلَ بَاقِيًا تَقْدِيرًا،
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا) بَيَانُ ذِكْرِ الْعَجْزِ مِنْ جَانِبِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْعَجْزِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بِأَنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ لَا يُطِيقَانِ الْجِمَاعَ، فَلَوْ اُعْتُبِرَ جَانِبُ الصَّغِيرِ وَجَبَتْ كَمَا فِي الْكَبِيرَةِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ جَانِبُ الصَّغِيرَةِ لَمْ تَجِبْ كَمَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَالزَّوْجُ كَبِيرًا. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ الْمَنْعَ لِمَعْنًى جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْبَابِ أَنْ يَجْعَلَ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهِ كَالْمَعْدُومِ فَالْمَنْعُ مِنْ قِبَلِهَا قَائِمٌ، وَمَعَ قِيَامِ الْمَنْعِ مِنْ قِبَلِهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الدَّلِيلَ يَقْبَلُ الْقَلْبَ.
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا حُبِسَتْ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ). يَعْنِي عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِلْمَغْصُوبَةِ فِيمَا مَضَى. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ فَوْتَ الِاحْتِبَاسِ لَيْسَ مِنْهُ لِيُجْعَلَ بَاقِيًا تَقْدِيرًا) بَيَانُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ عِوَضٌ عَنْ الِاحْتِبَاسِ فِي بَيْتِهِ، فَإِذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ جُعِلَ ذَلِكَ الِاحْتِبَاسُ بَاقِيًا، أَمَّا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لَا لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ الِاحْتِبَاسُ بَاقِيًا تَقْدِيرًا وَبِدُونِهِ لَا يَجِبُ النَّفَقَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute