للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَقْدِيرٌ لِنَفَقَةٍ لَمْ تَجِبْ، فَإِذَا تَبَدَّلَ حَالُهُ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِتَمَامِ حَقِّهَا.

(وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ لَمْ يُنْفِقْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا وَطَالَبَتْهُ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فَرَضَ لَهَا النَّفَقَةَ لَوْ صَالَحَتْ الزَّوْجَ عَلَى مِقْدَارٍ فِيهَا فَيَقْضِي لَهَا بِنَفَقَةِ مَا مَضَى) لِأَنَّ النَّفَقَةَ صِلَةٌ وَلَيْسَتْ بِعِوَضٍ عِنْدَنَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ فَلَا يُسْتَحْكَمُ الْوُجُوبُ فِيهَا إلَّا بِالْقَضَاءِ كَالْهِبَةِ لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ إلَّا بِمُؤَكَّدٍ وَهُوَ الْقَبْضُ وَالصُّلْحُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَقْوَى مِنْ وِلَايَةِ الْقَاضِي، بِخِلَافِ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ.

وَتَقْرِيرُهُ مَا قَضَى بِهِ تَقْدِيرًا لِنَفَقَةٍ لَمْ تَجِبْ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا. وَتَقْدِيرُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ لَا يَكُونُ لَازِمًا لِجَوَازِ تَبَدُّلِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَمْ تَسْتَحْكِمْ فِيهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، فَإِذَا تَبَدَّلَ حَالُهُ جَازَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِتَمَامِ حَقِّهَا فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ فَرْضِ نَفَقَةِ الْإِعْسَارِ عَلَى الْمُوسِرِ، لِأَنَّ مَا لَا يَكُونُ لَازِمًا فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ عَلَى مَا عُرِفَ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّغْيِيرِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ عَكْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَقَوْلُهُ (وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ) يُرِيدُ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْمَهْرَ عِوَضٌ عَنْ الْمِلْكِ، وَلَا يَجْتَمِعُ الْعِوَضَانِ عَنْ مُعَوَّضٍ وَاحِدٍ. فَإِنْ قِيلَ: مَا تَقَدَّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعِوَضٍ عَنْ الْبُضْعِ لَكِنْ لَا يُنَافِي أَنْ تَكُونَ عِوَضًا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا. قُلْت: يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ الْعَقْدُ كَانَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَالْقِيَامُ عَلَيْهَا تَصَرُّفًا فِي مِلْكِهِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَلَى الْمَالِكِ عِوَضًا فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ صِلَةً لَمَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُكَاتَبِ. أُجِيبَ بِأَنَّهَا صِلَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَمَا هَذَا شَأْنُهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَالْخَرَاجِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا صِلَةٌ لَا يَسْتَحْكِمُ الْوُجُوبُ فِيهَا إلَّا بِالْقَضَاءِ كَالْهِبَةِ لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ إلَّا بِمُؤَكِّدٍ وَهُوَ الْقَبْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>