للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ﴾ وَالْمَوْلُودُ لَهُ هُوَ الْأَبُ

﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ وَوَجْهُ الظَّاهِرِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴾ قِيلَ فِي وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ رِزْقَ الْوَالِدَاتِ لَمَّا وَجَبَ عَلَى الْأَبِ بِسَبَبِ الْوَلَدِ وَجَبَ عَلَيْهِ رِزْقُ الْوَلَدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ وُجُوبَ نَفَقَتِهِنَّ عَلَيْهِ كَانَ بِسَبَبِ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَرَتَّبَ عَلَى مُشْتَقٍّ، وَتَرَتُّبُهُ عَلَى الْمُشْتَقِّ دَلِيلٌ عَلَى عِلِّيَّةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ لِذَلِكَ كَمَا فِي السَّارِقِ وَالزَّانِي، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عِلَّةَ نَفَقَتِهِنَّ عَلَى الزَّوْجِ هُوَ الِاحْتِبَاسُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ عِلَّةً لِئَلَّا يَتَوَارَدَ عِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِلَّةَ هُوَ الْوِلَادُ لِكَوْنِهِ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ إذْ هُوَ السَّبَبُ لِلْجُزْئِيَّةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلَدِ، وَكَمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى نَفْسِهِ تَجِبُ عَلَى جُزْئِهِ، وَالِاحْتِبَاسُ عِلَّةُ الْعِلَّةِ وَالْعَقْدُ الصَّحِيحُ سَبَبٌ يُفْضِي إلَيْهِ، فَيَجُوزُ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَيْهِ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْوِلَادِ، فَإِذَا تَحَقَّقَ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى نَفْيِ مُشَارَكَةِ أَحَدٍ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِتَقْدِيمِ الظَّرْفِ.

وَقَاسَ عَلَيْهِ نَفْيَ الْمُشَارَكَةِ فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَقْبَلُ الِاشْتِرَاكَ، فَكَذَا النَّفَقَةُ الثَّابِتَةُ بِهِمَا؛ وَإِذَا انْتَفَى الِاشْتِرَاكُ فَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الْأَبِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لَا سَبِيلَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>