للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَكَانَ إكْرَامًا مَحْضًا.

(وَلَوْ قَالَ يَا ابْنِي أَوْ يَا أَخِي لَمْ يُعْتَقْ) لِأَنَّ النِّدَاءَ لِإِعْلَامِ الْمُنَادَى إلَّا أَنَّهُ إذْ كَانَ بِوَصْفٍ يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ كَانَ لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِي الْمُنَادَى اسْتِحْضَارًا لَهُ بِالْوَصْفِ الْمَخْصُوصِ كَمَا فِي قَوْلِهِ يَا حُرُّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَإِذَا كَانَ النِّدَاءُ بِوَصْفٍ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ كَانَ لِلْإِعْلَامِ الْمُجَرَّدِ دُونَ تَحْقِيقِ الْوَصْفِ فِيهِ لِتَعَذُّرِهِ وَالْبُنُوَّةُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا حَالَةَ النِّدَاءِ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ انْخَلَقَ مِنْ مَاءِ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ ابْنًا لَهُ بِهَذَا النِّدَاءِ فَكَانَ لِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ. وَيُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ شَاذًّا أَنَّهُ يُعْتَقُ فِيهِمَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الظَّاهِرِ. وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنُ لَا يُعْتَقُ لِأَنَّ الْأَمْرَ كَمَا أَخْبَرَ فَإِنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: يَا بُنَيَّ أَوْ يَا بُنَيَّةُ لِأَنَّهُ تَصْغِيرُ الِابْنِ وَالْبِنْتِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ وَالْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ.

(وَإِنْ قَالَ لِغُلَامٍ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ هَذَا ابْنِي عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) وَقَالَا: لَا يُعْتَقُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ

لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَخْتَصُّ بِالْعِتْقِ، مَعْنَاهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ يَا مَوْلَايَ يَا مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ حَيْثُ تَعَيَّنَ الْأَسْفَلُ مُرَادًا فَيَثْبُتُ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا يَخْتَصُّ بِالْعِتْقِ وَهُوَ الْوَلَاءُ وَهُوَ يَقْتَضِي سَابِقَةَ الْعِتْقِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ يَا سَيِّدِي يَا مَالِكِي فَإِنَّ مَعْنَاهُ يَا مَنْ لَهُ السِّيَادَةُ وَالْمِلْكُ عَلَيَّ وَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ شَيْءٌ يَخْتَصُّ بِالْعِتْقِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ الْإِكْرَامُ وَالتَّلَطُّفُ.

وَقَوْلُهُ (وَلَوْ قَالَ يَا ابْنِي أَوْ يَا أَخِي لَمْ يَعْتِقْ) فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ يَا حُرُّ فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ بِهِ دُونَهُمَا لِأَنَّ النِّدَاءَ إذَا كَانَ بِوَصْفٍ يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ كَانَ النِّدَاءُ لِتَحَقُّقِ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِي الْمُنَادَى اسْتِحْضَارًا لَهُ بِالْوَصْفِ الْمَخْصُوصِ كَمَا هُوَ فِي قَوْلِهِ يَا حُرُّ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إثْبَاتِ صِفَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ مِنْ جِهَتِهِ فِي الْحَالِ (عَلَى مَا بَيَّنَّا) يَعْنِي فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ نِدَاءٌ بِمَا هُوَ صَرِيحٌ وَهُوَ لِاسْتِحْضَارِ الْمُنَادَى إلَخْ، وَإِذَا كَانَ بِوَصْفٍ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ كَانَ لِلْإِعْلَامِ الْمُجَرَّدِ دُونَ تَحْقِيقِ الْوَصْفِ فِيهِ لِتَعَذُّرِهِ، وَالْبُنُوَّةُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا حَالَةَ النِّدَاءِ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ انْخَلَقَ مِنْ مَاءِ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ ابْنًا لَهُ بِهَذَا النِّدَاءِ فَكَانَ لِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ، هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَعْتِقَ فِيهِمَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ يَا ابْنِي يَا أَخِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ بِالنِّدَاءِ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَا حُرُّ يَا عَتِيقُ يَا مَوْلَايَ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بِخَمْسَةِ أَلْفَاظٍ بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِقَوْلِهِ يَا ابْنِي وَيَا أَخِي وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الظَّاهِرِ. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ قَالَ يَا ابْنُ) ظَاهِرٌ.

قَالَ (وَإِنْ قَالَ لِغُلَامٍ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ) إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَهُوَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ (هَذَا ابْنِي عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَعْتِقُ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا (وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ) وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَهُمَا، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>