أَخْذًا عَنْ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ.
ثُمَّ يُرْوَى اعْتِبَارُ الدِّرْهَمِ مِنْ حَيْثُ الْمِسَاحَةُ وَهُوَ قَدْرُ عَرْضِ الْكَفِّ فِي الصَّحِيحِ، وَيُرْوَى مِنْ حَيْثُ الْوَزْنُ وَهُوَ الدِّرْهَمُ الْكَبِيرُ الْمِثْقَالِ وَهُوَ مَا يَبْلُغُ وَزْنُهُ مِثْقَالًا.
وَقِيلَ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا إنَّ الْأُولَى فِي الرَّقِيقِ وَالثَّانِيَةَ فِي الْكَثِيفِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ نَجَاسَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُغَلَّظَةً لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ
إذَا بَلَغَتْ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ مَنَعَتْ.
وَقَوْلُهُ: (أَخْذًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مِنْ قَدَّرْنَاهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْأَخْذِ فَالْمُرَادُ بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ مَوْضِعُ خُرُوجِ الْحَدَثِ قَالَ النَّخَعِيُّ اسْتَقْبَحُوا ذِكْرَ الْمَقَاعِدِ فِي مَجَالِسِهِمْ فَكَنَّوْا عَنْهُ بِالدِّرْهَمِ.
وَوَجْهُ الْأَخْذِ مَا قَالَ صَاحِبُ الْأَسْرَارِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ» وَالِاسْتِجْمَارُ هُوَ الِاسْتِنْجَاءُ فَيَثْبُتُ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ غَيْرُ وَاجِبٍ بِالْحِجَارَةِ وَلَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ سَقَطَ حُكْمُهُ لِقِلَّةِ النَّجَاسَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ عَفْوٌ، وَمَا ثَبَتَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَكْتَفُونَ بِالْأَحْجَارِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَذَلِكَ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ حَتَّى لَوْ جَلَسَ الْمُسْتَنْجِي بِهِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ نَجَّسَهُ فَاكْتِفَاؤُهُمْ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ النَّجَاسَةِ عَفْوٌ (ثُمَّ يُرْوَى) عَنْ مُحَمَّدٍ (اعْتِبَارُ الدِّرْهَمِ مِنْ حَيْثُ الْمِسَاحَةُ) حَيْثُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: الدِّرْهَمُ الْكَبِيرُ هُوَ مَا يَكُونُ مِثْلَ عَرْضِ الْكَفِّ (وَيُرْوَى مِنْ حَيْثُ الْوَزْنُ وَهُوَ الدِّرْهَمُ الْكَبِيرُ الْمِثْقَالُ وَهُوَ مَا يَبْلُغُ وَزْنُهُ مِثْقَالًا) وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: نُوَفِّقُ بَيْنَ أَلْفَاظِ مُحَمَّدٍ فَنَقُولُ: إنَّ الْأُولَى: يَعْنِي رِوَايَةَ الْمِسَاحَةِ فِي الرَّقِيقِ مِنْهَا، وَالثَّانِيَةُ: يَعْنِي رِوَايَةَ الْوَزْنِ فِي الْكَثِيفِ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا كَانَتْ نَجَاسَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ) يَعْنِي الْمَذْكُورَةَ فِي أَوَّلِ الْبَحْثِ مُغَلَّظَةً (لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ) قِيلَ بِالْإِجْمَاعِ، وَقِيلَ التَّغْلِيظُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَثْبُتُ بِنَصٍّ لَا مُعَارِضَ لَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْكِتَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute