للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِعُمُومِ الْعِلَّةِ. وَالْمَكَاتِبُ إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُ لَا يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ تَامٌّ يُقْدِرُهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالِافْتِرَاضِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، بِخِلَافِ الْوِلَادِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ مِنْ مَقَاصِدِ الْكِتَابَةِ فَامْتَنَعَ الْبَيْعُ فَيَعْتِقُ تَحْقِيقًا لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَى الْأَخِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُمَا قُلْنَا أَنْ نَمْنَعَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَ ابْنَةَ عَمِّهِ وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَا ثَبَتَتْ بِالْقَرَابَةِ وَالصَّبِيُّ جُعِلَ أَهْلًا لِهَذَا الْعِتْقِ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ حَتَّى عَتَقَ الْقَرِيبُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ

بِقَوْلِهِ أَوْ كَافِرًا.

وَقَوْلُهُ (وَالْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَلِهَذَا امْتَنَعَ التَّكَاتُبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي غَيْرِ الْوِلَادِ. وَتَقْرِيرُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ، بَلْ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يَتَكَاتَبُ عَلَى الْأَخِ أَيْضًا. وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَإِنَّمَا لَا يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ تَامٌّ يُقَدِّرُهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالْمُلَّاكِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَمَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا عَتَقَ عَلَيْهِ قَرَابَةُ الْوِلَادِ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْوِلَادِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ مِنْ مَقَاصِدِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ عِتْقَ نَفْسِهِ كَمَا كَانَ مَقْصُودًا بِالْكِتَابَةِ لِكَوْنِهِ يَتَغَيَّرُ بِالرِّقِّ فَكَذَلِكَ رِقُّ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، فَإِذَا كَانَ مِنْ مَقَاصِدِهَا امْتَنَعَ الْبَيْعُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْأَخِ فَلَيْسَتْ مِنْ مَقَاصِدِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْعَارِ بِرِقِّهِ لُحُوقَهُ بِرِقِّ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ.

وَقَوْلُهُ (وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَ بِنْتَ عَمِّهِ) جَوَابُ نَقْضٍ إجْمَالِيٍّ. تَقْرِيرُهُ: لَوْ كَانَ تَمَلُّكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>