للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَا اسْتِرْقَاقَ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً.

(وَإِنْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَ حَمْلُهَا تَبَعًا لَهَا) إذْ هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا (وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ خَاصَّةً عَتَقَ دُونَهَا) لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى إعْتَاقِهَا مَقْصُودًا لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا وَلَا إلَيْهِ تَبَعًا لِمَا فِيهِ مِنْ قَلْبِ الْمَوْضُوعِ، ثُمَّ إعْتَاقُ الْحَمْلِ صَحِيحٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ نَفْسَهُ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْجَنِينِ وَشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْإِعْتَاقِ فَافْتَرَقَا.

(وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ عَلَى مَالٍ صَحَّ) وَلَا يَجِبُ الْمَالُ إذْ لَا وَجْهَ إلَى إلْزَامِ الْمَالِ عَلَى الْجَنِينِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَلَا إلَى إلْزَامِهِ الْأُمَّ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ الْعِتْقِ نَفْسٌ عَلَى حِدَةٍ، وَاشْتِرَاطُ بَدَلِ الْعِتْقِ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتِقِ لَا يَجُوزُ

فَأَعْتَقَهُمَا النَّبِيُّ » (وَلِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَا اسْتِرْقَاقَ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً) وَقَيَّدَ بِالِابْتِدَاءِ لِجَوَازِهِ عَلَيْهِ بَقَاءً لِأَنَّهُ فِي الْبَقَاءِ مِنْ الْأُمُورِ الْحُكْمِيَّةِ دُونَ الْجُزْئِيَّةِ فَيَجُوزُ بَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ الْأَمْلَاكِ بَعْدَ وُجُودِ أَسْبَابِهَا.

وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ حَامِلًا) ظَاهِرٌ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تُعْتَقْ أُمُّهُ لَجَازَ بَيْعُهَا وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ يَبْقَ الْجَنِينُ عَلَى مِلْكِهِ فَهِبَةُ الْأُمِّ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ هِبَةِ الْأَمَةِ، وَاسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ فِي الْهِبَةِ شَرْطٌ فَاسِدٌ، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ.

وَقَوْلُهُ (وَاشْتِرَاطُ بَدَلِ الْعِتْقِ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَقِ لَا يَجُوزُ) قِيلَ عَلَيْهِ سَلَّمْنَا ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ الْعِتْقُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْحَمْلُ إلَى حَدٍّ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا يَعْقِلُ الْعَقْدَ كَمَا مَرَّ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: وَإِنْ شَرَطَ الْأَلْفَ عَلَيْهَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ بِأَنْ كَانَتْ عَاقِلَةً تَعْقِلُ الْعَقْدَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>