للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُسِّمَ وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ.

وَلَهُ أَنَّهُ احْتَبَسَتْ مَالِيَّةُ نَصِيبِهِ عِنْدَ الْعَبْدِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ كَمَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ فِي ثَوْبِ إنْسَانٍ وَأَلْقَتْهُ فِي صَبْغِ غَيْرِهِ حَتَّى انْصَبَغَ بِهِ فَعَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ قِيمَةُ صَبْغِ الْآخَرِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا لِمَا قُلْنَا فَكَذَا هَهُنَا، إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ فَقِيرٌ فَيَسْتَسْعِيهِ.

مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا لِأَنَّهُ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ مُفْسِدٌ عَلَى الشَّرِيكِ نَصِيبَهُ بِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ مِلْكِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِي نَصِيبِهِ وَضَمَانُ الْإِفْسَادِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَإِمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُعْتِقِ بِحَالٍ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ وَالْمُتَصَرِّفُ فِي مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ، وَإِنْ تَعَدَّى ضَرَرُ تَصَرُّفِهِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَنْ سَقَى أَرْضَهُ فَنَزَّتْ أَرْضُ جَارِهِ أَوْ أَحْرَقَ الْحَصَائِدَ فِي أَرْضِهِ فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ مِلْكِ جَارِهِ، وَلَكِنَّهُمَا تَرَكَا الْقِيَاسَ بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ، رَوَاهُ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَمِثْلُهُ رَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ (قَسْمٌ وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ) وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُهُ (لِمَا قُلْنَا) يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ وَلَهُ أَنَّهُ احْتَبَسَتْ مَالِيَّةُ نَصِيبِهِ. وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ فَقِيرٌ فَيَسْتَسْعِيهِ) قِيلَ عَلَيْهِ إذَا سَعَى، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَرَّطَهُ وَصَارَ كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا سَعَى. وَأُجِيبَ بِأَنَّ عُسْرَةَ الْمُعْتِقِ تَمْنَعُ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لِلسَّاكِتِ فَكَذَلِكَ تَمْنَعُهُ لِلْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ إنَّمَا سَعَى فِي بَدَلِ رَقَبَتِهِ وَمَالِيَّتِهِ وَقَدْ سَلِمَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّ سِعَايَتَهُ لَيْسَتْ فِي بَدَلِ رَقَبَتِهِ بَلْ فِي الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ، وَمَنْ كَانَ مُجْبَرًا عَلَى قَضَاءِ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامٍ مِنْ جِهَتِهِ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي مُعِيرِ الرَّهْنِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا ذُكِرَ مِنْ وَجْهِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّمَا هُوَ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَهُوَ بَاطِلٌ. أُجِيبَ بِأَنَّ النَّبِيَّ قَسَمَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>