ثُمَّ التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلِهِمَا ظَاهِرٌ، فَعَدَمُ رُجُوعِ الْمُعْتِقِ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْعَبْدِ لِعَدَمِ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ الْيَسَارِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ كُلَّهُ مِنْ جِهَتِهِ لِعَدَمِ التَّجْزِيءِ. وَأَمَّا التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلِهِ فَخِيَارُ الْإِعْتَاقِ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِي الْبَاقِي إذْ الْإِعْتَاقُ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ، وَالتَّضْمِينُ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ جَانٍ عَلَيْهِ بِإِفْسَادِهِ نَصِيبَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا سِوَى الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ، وَالِاسْتِسْعَاءُ لِمَا بَيَّنَّا.
وَإِيصَالِ بَدَلِ حَقِّ السَّاكِتِ إلَيْهِ فَلَا مَعْنَى لِلْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ.
وَقَوْلُهُ (ثُمَّ التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلِهِمَا ظَاهِرٌ) يَعْنِي إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حَرْفَيْنِ: أَيْ أَصْلَيْنِ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي التَّخْرِيجِ وَهُوَ عَلَى قَوْلِهِمَا ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَجَزِّئًا كَانَ الْمُعْتِقُ مُوقِعًا لِلْعِتْقِ فِي النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا وَيَسَارُهُ مَانِعٌ عَنْ السِّعَايَةِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَانْتَفَتْ السِّعَايَةُ فَلَا يَرْجِعُ الْمُعْتِقُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْعَبْدِ لِعَدَمِ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْيَسَارِ لِلْأَصْلِ الثَّانِي، فَلَوْ رَجَعَ لَكَانَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ (وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ كُلَّهُ مِنْ جِهَتِهِ) لِلْأَصْلِ الْأَوَّلِ (وَأَمَّا التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلِهِ فَخِيَارُ الْإِعْتَاقِ) لِلشَّرِيكِ بِنَاءً عَلَى الْحَرْفِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إذَا كَانَ مُتَجَزِّئًا كَانَ مِلْكُهُ فِي الْبَاقِي قَائِمًا فَجَازَ إعْتَاقُهُ، وَأَمَّا التَّضْمِينُ فَلِأَنَّ الْمُعْتِقَ جَانٍ عَلَيْهِ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ حَيْثُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سِوَى الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: التَّضْمِينُ عَلَى مَذْهَبِهِ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ. أَمَّا عَلَى الْأَصْلِ الثَّانِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ التَّجَزُّؤَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا عَنْ الضَّمَانِ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لَهُ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَرْفَيْنِ مَبْنَى الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبَانِ لَا مِنْ حَيْثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَالضَّمَانُ فِي مَذْهَبِهِمَا مُعْتَمِدٌ عَلَى عَدَمِ التَّجَزُّؤِ لَا مَحَالَةَ. عَلَى أَنَّا نَقُولُ: إنَّ التَّجَزُّؤَ إنْ لَمْ يُوجِبْ الضَّمَانَ مِنْ حَيْثُ هُوَ تَجَزٍّ يُوجِبُهُ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهُوَ إفْسَادُ النَّصِيبِ فَكَانَ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ. وَقَوْلُهُ (وَالِاسْتِسْعَاءُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالتَّضْمِينُ. وَقَوْلُهُ (لِمَا بَيَّنَّا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute