وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ صَدَقَ كَانَتْ الْخِدْمَةُ كُلُّهَا لِلْمُنْكِرِ، وَلَوْ كَذَبَ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْخِدْمَةِ فَيَثْبُتُ مَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ وَهُوَ النِّصْفُ، وَلَا خِدْمَةَ لِلشَّرِيكِ الشَّاهِدِ وَلَا اسْتِسْعَاءَ لِأَنَّهُ يَتَبَرَّأُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ بِدَعْوَى الِاسْتِيلَادِ وَالضَّمَانِ، وَالْإِقْرَارُ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَهُوَ أَمْرٌ لَازِمٌ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُقِرُّ كَالْمُسْتَوْلِدِ.
(وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَهُمَا فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَا: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا) لِأَنَّ مَالِيَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَهُ وَمُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تُبْتَنَى عِدَّةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ أَوْرَدْنَاهَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ صُدِّقَ) تَقْرِيرُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مُقَدِّمَةٍ هِيَ أَنَّ الْخَبَرَ يَنْقَسِمُ إلَى صَادِقٍ وَكَاذِبٍ قِسْمَةً حَقِيقِيَّةً لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صِدْقَ الْخَبَرِ وَكَذِبَهُ رَاجِعَانِ إلَى مُطَابَقَةِ الْوَاقِعِ وَعَدَمِهَا، فَالْمُقِرُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي إقْرَارِهِ أَوْ كَاذِبًا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ (كَانَتْ الْخِدْمَةُ كُلُّهَا لِلْمُنْكِرِ) وَإِنْ كَانَ الثَّانِي (كَانَ لَهُ نِصْفُ الْخِدْمَةِ فَيَثْبُتُ مَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ وَهُوَ النِّصْفُ، وَلَا خِدْمَةَ لِلشَّرِيكِ الشَّاهِدِ وَلَا اسْتِسْعَاءَ لِأَنَّهُ يَتَبَرَّأُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ) أَمَّا عَنْ الْخِدْمَةِ فَبِدَعْوَى الِاسْتِيلَادِ، وَأَمَّا عَنْ الِاسْتِسْعَاءِ فَبِدَعْوَى الضَّمَانِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ عَلَى مَا تَرَى.
وَقَوْلُهُ (وَالْإِقْرَارُ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا كَأَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا: يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ وَالْإِقْرَارُ بِهَا يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ أَمْرٌ لَازِمٌ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَقَرَّ بِنَسَبِ صَغِيرٍ لِرَجُلٍ فَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِنَسَبِ ذَلِكَ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ (فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُقِرُّ كَالْمُسْتَوْلِدِ).
(وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَهُمَا) بِأَنْ وَلَدَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدًا فَادَّعَيَاهُ (فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِأَنَّ مَالِيَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَهُ) خِلَافًا لَهُمَا، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ عِدَّةُ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى: مِنْهَا أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا حَتَّى عَتَقَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute