وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَهِدَا فِي صِحَّتِهِ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ.
أَمَّا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ شَهِدَا عَلَى تَدْبِيرِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ الْوَفَاةِ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ حَيْثُمَا وَقَعَ وَصِيَّةً، وَكَذَا الْعِتْقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ، وَالْخَصْمُ فِي الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ الْمُوصِي وَهُوَ مَعْلُومٌ. وَعَنْهُ خَلَفٌ وَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ، وَلِأَنَّ الْعِتْقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يَشِيعُ بِالْمَوْتِ فِيهِمَا فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمًا مُتَعَيَّنًا.
وَقَوْلُهُ (أَمَّا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) بَيَانُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي وَصِيَّةٍ اسْتِحْسَانًا. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ التَّدْبِيرَ حَيْثُمَا وَقَعَ وَقَعَ وَصِيَّةً) يَعْنِي سَوَاءٌ وَقَعَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَوْ فِي حَالِ الْمَرَضِ. وَلِلِاسْتِحْسَانِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ: أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّدْبِيرَ مُطْلَقًا وَالْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ (وَالْخَصْمُ فِي الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ الْمُوصِي) لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصَايَا حَقُّ الْمَيِّتِ فَكَانَ الْمَيِّتُ مُدَّعِيًا تَقْدِيرًا (وَعَنْهُ خَلَفٌ وَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ) فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَالثَّانِي أَنَّ الْعِتْقَ يَشِيعُ بِالْمَوْتِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا فِي حَالِ عَجْزِهِ عَنْ الْبَيَانِ فَكَانَ إيجَابًا لَهُمَا وَلِهَذَا يَعْتِقُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمًا مُتَعَيِّنًا) وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ الْقِيَاسِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ مَجْهُولٌ وَالدَّعْوَى مِنْ الْمَجْهُولِ لِظُهُورِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute