فِي الْبَيْعِ، فَإِذَا قَبِلَ صَارَ حُرًّا، وَمَا شَرَطَ دَيْنٌ عَلَيْهِ حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ، بِخِلَافِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مَعَ الْمُنَافِي وَهُوَ قِيَامُ الرِّقِّ عَلَى مَا عُرِفَ،
وَهُوَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أَحَدَهَا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَا يَمْلِكُ الْمَالَ، وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْهُ كَانَ مَا بَذَلَهُ مِنْ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُهُ؛ فَكَانَ مَا بَذَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَالِ وَالثَّانِي الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَلِهَذَا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَغَيْرِهِمَا. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَ مِلْكُ الْمَوْلَى فِي ذَاتِهِ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ بِبَيْعِ نَفْسِهِ مِنْهُ فَكَانَ مَا بَذَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ. ذُكِرَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ، وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَوْلَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ فَكَانَ مَا بَذَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ عِنْدَ الْمَوْلَى. وَالثَّالِثَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ بِهَذَا الْعَقْدِ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا فَلَمْ يَدْخُلْ بِهِ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ.
غَايَةُ مَا يُقَالُ إنَّهُ ثَبَتَ لَهُ بِهِ قُوَّةٌ شَرْعِيَّةٌ وَهِيَ لَيْسَتْ بِمَالٍ لَا مَحَالَةَ، فَكَانَ مَا بَذَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ مَا هُوَ قُوَّةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْهُمَا. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَمِنْ قَضِيَّةِ الْمُعَاوَضَةِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِقَبُولِ الْعِوَضِ لِلْحَالِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، فَإِذَا قَبِلَ صَارَ حُرًّا، وَإِنْ رَدَّ أَوْ أَعْرَضَ عَنْ الْمَجْلِسِ بِالْقِيَامِ أَوْ بِالِاشْتِغَالِ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ قَطْعُ الْمَجْلِسِ بَطَلَ، فَإِذَا قَبِلَ صَارَ مَا شَرَطَ دَيْنًا عَلَيْهِ حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ لِأَنَّهُ يَسْعَى وَهُوَ حُرٌّ، بِخِلَافِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ بِهِ الْكَفَالَةُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مَعَ الْمُنَافِي وَهُوَ قِيَامُ الرِّقِّ، فَكَانَ ثُبُوتُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، إذْ الْقِيَاسُ يَنْفِي أَنْ يَسْتَوْجِبَ الْمَوْلَى الدَّيْنَ عَلَى عَبْدِهِ، فَلَمَّا ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ ضَرُورَةُ حُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لِلْمُكَاتَبِ وَحُصُولُ الْمَالِ لِلْمَوْلَى اقْتَصَرَ عَلَى مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْكَفَالَةِ. وَقَوْلُهُ (وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَالِ يَنْتَظِمُ أَنْوَاعَهُ مِنْ النَّقْدِ) يَعْنِي فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute