أَمَّا الْعِتْقُ فَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْخِدْمَةَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ عِوَضًا فَيَتَعَلَّقُ الْعِتْقُ بِالْقَبُولِ، وَقَدْ وُجِدَ وَلَزِمَهُ خِدْمَةُ أَرْبَعِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ عِوَضًا فَصَارَ كَمَا إذَا أَعْتَقَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ فَالْخِلَافِيَّةُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى خِلَافِيَّةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ مَنْ بَاعَ نَفْسَ الْعَبْدِ مِنْهُ بِجَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ أَوْ هَلَكَتْ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ عِنْدَهُ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ. وَوَجْهُ الْبِنَاءِ أَنَّهُ كَمَا يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُ الْجَارِيَةِ بِالْهَلَاكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَى الْخِدْمَةِ بِمَوْتِ الْعَبْدِ،
أَمَّا الْعِتْقُ فَلِأَنَّ الْخِدْمَةَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ جُعِلَتْ عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ) وَكُلُّ مَا جُعِلَ عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ فَالْعِتْقُ يَتَعَلَّقُ بِقَبُولِهِ لِأَنَّهُ الْحُكْمُ فِي الْأَعْوَاضِ كُلِّهَا، وَقَدْ وُجِدَ الْقَبُولُ فَنَزَلَ الْعِتْقُ وَلَزِمَهُ خِدْمَةُ أَرْبَعِ سِنِينَ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ عِوَضًا لِحُدُوثِ حُكْمِ الْمَالِيَّةِ بِالْعَقْدِ وَلِهَذَا صَلُحَتْ صَدَاقًا مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ ابْتِغَاءَ الْأَبْضَاعِ بِالْأَمْوَالِ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ (فَصَارَ كَمَا إذَا أَعْتَقَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ فَالْخِلَافِيَّةُ بِنَاءً عَلَى خِلَافِيَّةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ مَنْ بَاعَ نَفْسَ الْعَبْدِ مِنْهُ بِجَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْجَارِيَةَ أَوْ هَلَكَتْ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ عِنْدَهُ وَهِيَ) أَيْ مَسْأَلَةُ بَيْعِ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْهُ بِالْجَارِيَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ (مَعْرُوفَةٌ) فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ، وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ وَجْهَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ ذَلِكَ.
وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْخِدْمَةَ بَدَلُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ الْعِتْقُ وَلَا قِيمَةَ لِلْعِتْقِ، وَقَدْ حَصَلَ الْعَجْزُ عَنْ تَسْلِيمِ الْخِدْمَةِ بِمَوْتِهِ فَوَجَبَ تَسْلِيمُ قِيمَتِهَا.
وَوَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْخِدْمَةَ بَدَلُ مَالٍ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسِ الْعَبْدِ لَكِنْ الْبَدَلُ لَمَّا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمُبْدَلِ وَهُوَ الْعَبْدُ، لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ فَوَجَبَ تَسْلِيمُ قِيمَتِهِ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ هَذَا فِي الْمَبْنِيِّ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى مَالٍ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ مِنْ وَجْهٍ لِمَا ذَكَرْنَا، وَشَابَهَ بِذَلِكَ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَغَيْرَهُمَا حَتَّى صَحَّ بِأَيِّ مَالٍ كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ مِنْ وَجْهٍ بِالنَّظَرِ إلَى مَوْلَاهُ وَشَابَهَ بِذَلِكَ بَيْعَ عَبْدٍ بِجَارِيَةٍ، فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَوَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْجَارِيَةِ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
وَأَمَّا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ فَوَجْهُ مُحَمَّدٍ أَنَّ هَذَا بَدَلُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ الْعِتْقُ، لِأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إعْتَاقٌ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ إيفَاءِ الْبَدَلِ، وَلَيْسَ لِلْمُبْدَلِ وَهُوَ الْعِتْقُ قِيمَةٌ فَيَجِبُ قِيمَةُ الْبَدَلِ.
وَوَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْجَارِيَةَ بَدَلُ نَفْسِ الْعَبْدِ بِالْعِتْقِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute