قَالَ: (وَقِيمَةُ وَلَدِهَا)؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَغْرُورِ حَيْثُ إنَّهُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ كَسْبُ كَسْبِهِ فَلَمْ يَرْضَ بِرِقِّهِ فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ (وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا حَقِيقَةً كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَكَاتِبُ فِي النَّسَبِ لَمْ يَثْبُتْ)؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ (فَلَوْ مَلَكَهُ يَوْمًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ)؛ لِقِيَامِ الْمُوجِبِ وَزَوَالِ حَقِّ الْمُكَاتَبِ إذْ هُوَ الْمَانِعُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
بِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَقَعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ فِي سَطْرَيْنِ تَنَاقُضٌ. وَقَوْلُهُ (وَقِيمَةُ وَلَدِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عُقْرُهَا.
وَقَوْلُهُ (وَهُوَ أَنَّهُ) قِيلَ أَيْ الْوَلَدُ: يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ حَصَلَ لَهُ (مِنْ كَسْبِ كَسْبِهِ) فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ كَسْبُهُ، وَجَارِيَةَ الْمُكَاتَبِ كَسْبُ كَسْبِهِ، وَفِيهِ نَوْعُ تَكَلُّفٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَنَّهُ: أَيْ الْجَارِيَةُ كَسْبُ كَسْبِهِ، وَذَكَرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا إلَى الْخَبَرِ وَهُوَ كَسْبُ الضَّمِيرِ فِي رِقِّهِ يَعُودُ إلَى الْوَلَدِ. قِيلَ فِي قَوْلِهِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ نَظَرٌ، وَحَقُّ الْكَلَامِ كَمَا فِي الْمَغْرُورِ بِدُونِ ذِكْرِ الْوَلَدِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْجَارِيَةَ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمَوْلَى لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِيهَا حَقِيقَةً كَمَا أَنَّ الْجَارِيَةَ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدِ الْمَغْرُورِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِيهَا. وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْوَلَدِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا حَقِيقَةً، فَتَقْدِيرُهُ كَمَا فِي أُمِّ وَلَدِ الْمَغْرُورِ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ.
وَقَوْلُهُ (وَلَوْ مَلَكَهُ) يَعْنِي وَلَدَ الْجَارِيَةِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ (يَوْمًا) مِنْ الدَّهْرِ (ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِقِيَامِ الْمُوجِبِ) وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِالِاسْتِيلَادِ (وَزَوَالُ الْمَانِعِ) وَهُوَ حَقُّ الْمُكَاتَبِ. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَإِذَا مَلَكَ الْمَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute