للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالْيَمِينُ اللَّغْوُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَمَا قَالَ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَهَذِهِ الْيَمِينُ نَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخِذَ اللَّهُ بِهِ صَاحِبَهَا) وَمِنْ اللَّغْوِ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَزَيْدٌ وَهُوَ يَظُنُّهُ زَيْدًا وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ﴾ الْآيَةَ، إلَّا أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ لِلِاخْتِلَافِ فِي تَفْسِيرِهِ. .

وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ) إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا مَعْنَى تَعْلِيقِ مُحَمَّدٍ نَفْيَ الْمُؤَاخَذَةِ فِي هَذَا النَّوْعِ بِالرَّجَاءِ بِقَوْلِهِ نَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخِذَ اللَّهُ بِهَا صَاحِبَهَا وَعَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ فِي الْيَمِينِ اللَّغْوِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَمَا عُرِفَ بِالنَّصِّ فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ؟ قُلْنَا نَعَمْ، وَلَكِنْ صُورَةُ تِلْكَ الْيَمِينِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَإِنَّمَا عَلَّقَ بِالرَّجَاءِ نَفْيَ الْمُؤَاخَذَةِ فِي اللَّغْوِ بِالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ بِالنَّصِّ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ مِنْ تَفْسِيرِ اللَّغْوِ مَرْوِيٌّ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي كَلَامِهِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ، فَإِنَّ عِنْدَهُ اللَّغْوَ مَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَاضِي أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ . وَرَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ اللَّغْوِ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ. وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَنَا فِيمَا يَكُونُ خَبَرًا عَنْ الْمَاضِي، فَإِنَّ اللَّغْوَ مَا يَكُونُ خَالِيًا عَنْ الْفَائِدَةِ وَالْخَبَرُ فِي الْمَاضِي خَالٍ عَنْ فَائِدَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْمَنْعُ أَوْ الْحَمْلُ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَاضِي فَكَانَ لَغْوًا، أَمَّا فِي الْخَبَرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَعَدَمُ الْقَصْدِ لَا يَعْدَمُ فَائِدَةَ الْيَمِينِ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِأَنَّ الْهَزْلَ وَالْجِدَّ فِي الْيَمِينِ سَوَاءٌ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ فِي حَصْرِ الْأَيْمَانِ عَلَى الثَّلَاثَةِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ نَظَرٌ، لِأَنَّ قَوْلَ الرَّجُلِ وَاَللَّهِ إنِّي لَقَائِمٌ الْآنَ فِي حَالِ قِيَامِهِ مَثَلًا يَمِينٌ، وَلَيْسَ مِنْ الضُّرُوبِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَلْتَزِمَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ عَلَى هَذَا الِاصْطِلَاحِ لِمَا مَرَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا، وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>