وَالشَّافِعِيُّ ﵀ يُخَالِفُنَا فِي ذَلِكَ، وَسَنُبَيِّنُ فِي الْإِكْرَاهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(وَمَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا فَهُوَ سَوَاءٌ)؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْحَقِيقِيَّ لَا يَنْعَدِمُ بِالْإِكْرَاهِ وَهُوَ الشَّرْطُ، وَكَذَا إذَا فَعَلَهُ وَهُوَ مَغْمِيٌّ عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٌ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ حَقِيقَةً، وَلَوْ كَانَتْ الْحِكْمَةُ رَفْعَ الذَّنْبِ فَالْحُكْمُ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِهِ وَهُوَ الْحِنْثُ لَا عَلَى حَقِيقَةِ الذَّنْبِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. .
وَقَوْلُهُ (وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُنَا فِي ذَلِكَ) يَعْنِي فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي (وَسَنُبَيِّنُ فِي الْإِكْرَاهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى).
(وَمَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا فَهُوَ سَوَاءٌ) أَيْ فَهُوَ وَمَنْ فَعَلَهُ مُخْتَارًا سَوَاءٌ. تَرَكَهُ لِدَلَالَةِ فَحْوَى الْكَلَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ وُجُودُ الْفِعْلِ حَقِيقَةً وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَدِمُ بِالْإِكْرَاهِ، (وَكَذَا إذَا فَعَلَهُ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٌ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ حَقِيقَةً) وَهُوَ وُجُودُ الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ.
وَقَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَتْ الْحِكْمَةُ رَفْعَ الذَّنْبِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ رَفْعُ الذَّنْبِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونُ لَا ذَنْبَ لَهُمَا لِعَدَمِ فَهْمِ الْخِطَابِ فَكَيْفَ تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ.
وَتَقْرِيرُهُ: الْحُكْمُ وَهُوَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ دَائِرٌ مَعَ دَلِيلِ الذَّنْبِ وَهُوَ الْحِنْثُ لَا مَعَ حَقِيقَةِ الذَّنْبِ، كَوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ دَائِرٌ مَعَ دَلِيلِ شَغْلِ الرَّحِمِ وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ لَا مَعَ حَقِيقَةِ الشَّغْلِ حَتَّى أَنَّهُ يَجِبُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشَّغْلُ أَصْلًا بِأَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِكْرًا أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ امْرَأَةٍ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إقَامَةُ الدَّلِيلِ مَقَامَ الْمَدْلُولِ لِدَوَرَانِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْمَدْلُولُ أَمْرًا خَفِيًّا فِي الْأَصْلِ فَيَدُورُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute