للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (إلَّا قَوْلَهُ وَعِلْمِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ. وَلِأَنَّهُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَعْلُومُ، يُقَالُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ عِلْمَك فِينَا: أَيْ مَعْلُومَك (وَلَوْ) (قَالَ وَغَضَبِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ لَمْ يَكُنْ حَالِفًا) وَكَذَا وَرَحْمَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِهَا غَيْرُ مُتَعَارَفٍ؛ وَلِأَنَّ الرَّحْمَةَ قَدْ يُرَادُ بِهَا أَثَرُهُ، وَهُوَ الْمَطَرُ أَوْ الْجَنَّةُ وَالْغَضَبُ وَالسَّخَطُ يُرَادُ بِهِمَا الْعُقُوبَةُ

الْعُرْفِ كَانَ وُجُودُهُ مُغْنِيًا عَنْ النَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ.

وَقَوْلُهُ (إلَّا قَوْلَهُ وَعِلْمُ اللَّهِ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا عُرْفًا. فَإِنَّ الْيَمِينَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَارَفًا كَانَ اسْتِثْنَاؤُهُ عَنْ الْعُرْفِ مُنْقَطِعًا، وَالْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَعْلُومُ كَالْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ وَمَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ الْقُوَّةُ حَاصِلٌ فِي أَنَّهُ مَذْكُورٌ لِلِاسْتِظْهَارِ. نَعَمْ الْعِرَاقِيُّونَ يَحْتَاجُونَ إلَى ذِكْرِ مَعْذِرَةٍ عَنْ وُرُودِهِ عَلَى أَصْلِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الرَّحْمَةَ قَدْ يُرَادُ بِهَا أَثَرُهَا) مَنْقُوضٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يُقَالُ اُنْظُرْ إلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ أَثَرُهُ، وَإِلَّا لَكَانَ بِمَعْنَى الْمَقْدُورِ لِكَوْنِ الْقُدْرَةِ غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ فَتَكُونُ كَالْعِلْمِ وَمَعَ ذَلِكَ يُحْلَفُ بِهَا. وَالْحَقُّ أَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ، فَمَا تَعَارَفَ النَّاسُ الْحَلِفَ بِهِ كَانَ يَمِينًا. وَالْحَلِفُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مُتَعَارَفٌ، وَبِعِلْمِهِ وَرَحْمَتِهِ وَغَضَبِهِ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَلِهَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَانَةُ اللَّهِ يَمِينٌ، ثُمَّ لَمَّا سُئِلَ عَنْ مَعْنَاهُ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ الْعَرَبَ تَحْلِفُ بِأَمَانَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَادَةً فَجَعَلَهُ يَمِينًا كَأَنَّهُ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>