للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَدْ يُضْمِرُ الْحَرْفَ فَيَكُونُ حَالِفًا كَقَوْلِهِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا) لِأَنَّ حَذْفَ الْحَرْفِ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ إيجَازًا، ثُمَّ قِيلَ يُنْصَبُ لِانْتِزَاعِ الْحَرْفِ الْخَافِضِ، وَقِيلَ يُخْفَضُ فَتَكُونُ الْكِسْرَةُ دَالَّةً عَلَى الْمَحْذُوفِ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِلَّهِ فِي الْمُخْتَارِ لِأَنَّ الْبَاءَ تُبَدَّلُ بِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿آمَنْتُمْ لَهُ﴾. أَيْ آمَنْتُمْ بِهِ

الْبَاءِ أَصْلًا وَغَيْرِهَا بَدَلًا وَجَوَازُ إضْمَارِ الْحُرُوفِ وَالنَّصْبِ بَعْدَ الْإِضْمَارِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْبَصْرِيُّونَ أَوْ الْجَرُّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْكُوفِيُّونَ كُلُّهُ وَظِيفَةٌ نَحْوِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ، وَالْأُصُولِيُّ يَبْحَثُ عَنْهَا مِنْ حَيْثُ اسْتِنْبَاطُ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ مِنْهَا وَالْوَاصِلُ إلَى حَدِّ الِاشْتِغَالِ بِكِتَابِ الْهِدَايَةِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ حَلَفَ ذَلِكَ وَرَآهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِضْمَارِ وَالْحَذْفِ بَقَاءُ أَثَرِ الْمُضْمَرِ دُونَ الْمَحْذُوفِ. وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الْإِضْمَارَ فِي الرِّوَايَةِ وَالْحَذْفَ فِي التَّعْلِيلِ بِطَرِيقِ الْمُسَاهَلَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَطْلَقَ الْإِضْمَارَ بِالنَّظَرِ إلَى الْجَرِّ وَالْحَذْفَ بِالنَّظَرِ إلَى النَّصْبِ.

وَقَوْلُهُ (وَكَذَا إذَا قَالَ لِلَّهِ فِي الْمُخْتَارِ) احْتِرَازٌ عَمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُكَلِّمَ فُلَانًا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِيَمِينٍ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ لِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ النَّذْرِ وَيَحْتَمِلُ مَعْنَى الْيَمِينِ، وَلَا أَثَرَ لِتَغْيِيرِ الْإِعْرَابِ فِي الْمُقْسَمِ بِهِ نَصْبًا وَجَرًّا فِي مَنْعِ صِحَّةِ الْقَسَمِ لِأَنَّ الْعَوَامَّ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>