للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ أَوْ سَخَطُ اللَّهِ فَلَيْسَ بِحَلِفٍ) لِأَنَّهُ دُعَاءٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ (وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا زَانٍ أَوْ سَارِقٌ أَوْ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ آكُلُ رِبًا)؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالتَّبْدِيلَ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى حُرْمَةِ الِاسْمِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ.

وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ حُرْمَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالتَّبْدِيلَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَمَّا الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ فَإِنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ النَّسْخَ، وَلَكِنْ ذَلِكَ الْفِعْلُ الْمَقْصُودُ بِالزِّنَا وَالْعَيْنُ الْمَقْصُودَةُ بِالسَّرِقَةِ بِعَيْنِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا لَهُ بِوَجْهِ النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ فَسَمَّى احْتِمَالَ انْقِلَابِهِمَا مِنْ الْحُرْمَةِ إلَى الْحِلِّ بِالسَّبَبِ الشَّرْعِيِّ نَسْخًا وَتَبْدِيلًا، وَأَمَّا الْخَمْرُ وَالرِّبَا فَيَحْتَمِلَانِ النَّسْخَ. أَمَّا الْخَمْرُ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا كَانَتْ حَلَالًا ثُمَّ انْتَسَخَ، وَأَمَّا الرِّبَا فَيَحْتَمِلُ النَّسْخَ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ النَّسْخُ فِي حَقِّهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحِلُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَأَقُولُ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفٌّ وَنَشْرٌ عَلَى غَيْرِ السَّنَنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ نَسْخًا مُتَعَلِّقٌ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الرِّبَا. وَقَوْلُهُ تَبْدِيلًا بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَيُرَادُ بِالتَّبْدِيلِ انْقِلَابُ الْمَحَلِّ عَلَى مَا ذَكَرَ، وَهَذَا إفَادَةٌ وَالْحَمْلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ إعَادَةٌ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْأُولَى أَوْلَى، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ حُرْمَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي مَعْنَى حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ حُرْمَتَهُ لَا تَحِلُّ فِي حَالٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْيَمِينُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ) فَلَا يَكُونُ يَمِينًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>