(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقْضِمَهَا، وَلَوْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِهَا لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: إنْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِهَا حَنِثَ أَيْضًا) لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْهُ عُرْفًا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهُ حَقِيقَةً مُسْتَعْمَلَةً فَإِنَّهَا تُقْلَى وَتُغْلَى وَتُؤْكَلُ قَضْمًا وَهِيَ قَاضِيَةٌ عَلَى الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ. وَلَوْ قَضَمَهَا حَنِثَ عِنْدَهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ لِعُمُومِ الْمَجَازِ، كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ. وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي الْخُبْزِ حَنِثَ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقْضِمَهَا) وَالْقَضْمُ: الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ مِنْ بَابِ لَبِسَ، وَإِنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْحِنْطَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِأَنَّهُ إذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى أَكْلِ حِنْطَةٍ لَا بِعَيْنِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَالْجَوَابِ عِنْدَهُمَا. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي أَيْمَانِ الْأَصْلِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَوْجُهٍ: أَحَدِهَا أَنْ لَا يَأْكُلَ حَبًّا كَمَا هِيَ فَأَكَلَ مِنْ خُبْزِهَا أَوْ سَوِيقِهَا لَا يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ أَرَادَ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ فَيَتَقَيَّدُ الْيَمِينُ بِهَا. وَالثَّانِي أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا كَذَلِكَ. وَالثَّالِثِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ فَأَكَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute