فَأَبُو يُوسُفَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُوَقَّتِ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ التَّوْقِيتَ لِلتَّوْسِعَةِ فَلَا يَجِبُ الْفِعْلُ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَلَا يَحْنَثُ قَبْلَهُ، وَفِي الْمُطْلَقِ يَجِبُ الْبِرُّ كَمَا فُرِغَ وَقَدْ عَجَزَ فَيَحْنَثُ فِي الْحَالِ وَهُمَا فَرَّقَا بَيْنَهُمَا. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي الْمُطْلَقِ يَجِبُ الْبِرُّ كَمَا فُرِغَ، فَإِذَا فَاتَ الْبِرُّ بِفَوَاتِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَمَا إذَا مَاتَ الْحَالِفُ وَالْمَاءُ بَاقٍ؛ أَمَّا فِي الْمُؤَقَّتِ فَيَجِبُ الْبِرُّ فِي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الْوَقْتِ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَمْ تَبْقَ مَحَلِّيَّةُ الْبِرِّ لِعَدَمِ التَّصَوُّرِ فَلَا يَجِبُ الْبِرُّ فِيهِ فَتَبْطُلُ الْيَمِينُ كَمَا إذَا عَقَدَهُ ابْتِدَاءً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
فَأَبُو يُوسُفَ فَرَّقَ) فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ فِي الْكُوزِ مَاءٌ بَيْنَ الْمُطْلَقِ عَنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ وَبَيْنَ الْمُؤَقَّتِ بِهِ، فَقَالَ فِي الْمُطْلَقِ إنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ، وَفِي الْمُؤَقَّتِ حِنْثُهُ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ إلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ.
وَوَجْهُهُ مَا ذُكِرَ أَنَّ التَّوْقِيتَ لِلتَّوْسِعَةِ فَلَا يَجِبُ الْفِعْلُ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَلَا يَحْنَثُ قَبْلَهُ، وَهَذَا لِأَنَّ الْيَمِينَ مَتَى عُقِدَتْ عَلَى فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ مُمْتَدٍّ يَتَعَيَّنُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ لِلِانْعِقَادِ لِأَنَّ الْوَقْتَ ظَرْفٌ لَهُ فَيَلْزَمُ فِي جُزْءٍ مِنْهُ وَيَتَعَيَّنُ آخِرُهُ، وَفِي الْمُطْلَقِ يَجِبُ الْبَرُّ كَمَا فَرَغَ وَقَدْ عَجَزَ فَيَحْنَثُ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: فَأَبُو يُوسُفَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُؤَقَّتِ: أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا كَانَ فِي الْكُوزِ مَاءٌ فَأُهْرِيقَ قَبْلَ اللَّيْلِ فَقَالَ فِي الْمُطْلَقِ يَحْنَثُ حَالَ وَقْتِ الْإِرَاقَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ إلَى اللَّيْلِ، وَفِي الْمُؤَقَّتِ لَا يَحْنَثُ فِي الْحَالِ بَلْ يَتَوَقَّفُ حِنْثُهُ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ، وَهُمَا فَرَّقَا بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُؤَقَّتِ: يَعْنِي فِي هَذَا الْوَجْهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا إذَا مَاتَ الْحَالِفُ وَالْمَاءُ بَاقٍ إلَى أَنَّ بَقَاءَ الْمَحَلِّ شَرْطٌ لِلْبَرِّ كَبَقَاءِ الْحَالِفِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا إذَا عَقَدَهُ ابْتِدَاءً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا أَنَّ وُجُودَ الْمَحَلِّ كَمَا هُوَ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ كَذَلِكَ لِبَقَائِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute