قَالَ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَلَّمَهُ وَهُوَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ إلَّا أَنَّهُ نَائِمٌ حَنِثَ) لِأَنَّهُ قَدْ كَلَّمَهُ وَوَصَلَ إلَى سَمْعِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ لِنَوْمِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا نَادَاهُ وَهُوَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ لِتَغَافُلِهِ. وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمَبْسُوطِ شَرْطٌ أَنْ يُوقِظَهُ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَنَبَّهْ كَانَ إذَا نَادَاهُ مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ.
وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ، فَذِكْرُ الْجِنْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى ذِكْرِ النَّوْعِ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَلَّمَهُ وَهُوَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ إلَّا أَنَّهُ نَائِمٌ حَنِثَ) نَقَلَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ التَّكْلِيمَ عِبَارَةٌ عَنْ إسْمَاعِ كَلَامِهِ كَمَا فِي تَكْلِيمِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ إسْمَاعِ نَفْسِهِ، إلَّا أَنَّ إسْمَاعَ الْغَيْرِ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَأُقِيمَ السَّبَبُ الْمُؤَدِّي إلَيْهِ مَقَامَهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَى إلَيْهِ أُذُنَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ السَّمَاعِ لَسَمِعَ وَدَار الْحُكْمُ مَعَهُ وَسَقَطَ اعْتِبَارُ حَقِيقَةِ الْإِسْمَاعِ، وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (لِتَغَافُلِهِ) أَيْ لِغَفْلَتِهِ.
وَقَوْلُهُ (وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمَبْسُوطِ) يُرِيدُ مَا رُوِيَ فِي رِوَايَةٍ فَنَادَاهُ وَأَيْقَظَهُ يَحْنَثُ فِيهِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُشِيرُ إلَى اشْتِرَاطِ الْإِيقَاظِ لِلْحِنْثِ. وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَنَادَاهُ أَوْ أَيْقَظَهُ، وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَتَى نَادَاهُ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ يَقْظَانَ لَسَمِعَ صَوْتَهُ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يُوقِظْهُ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute