للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِهِ لَمْ يُجِزْهُ) وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ لِأَمَةٍ قَدْ اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ:

جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ عَطَفَ الْإِعْتَاقَ عَلَى الشِّرَاءِ بِالْفَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ بِزَمَانٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَإِنْ لَطَفَ فَلَا يَكُونُ نَفْسَهُ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْفِعْلَ إذَا عُطِفَ عَلَى فِعْلٍ آخَرَ بِالْفَاءِ كَانَ الثَّانِي ثَابِتًا بِالْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ يُقَالُ: ضَرَبَهُ فَأَوْجَعَهُ وَأَطْعَمَهُ فَأَشْبَعَهُ وَسَقَاهُ فَأَرْوَاهُ: أَيْ بِذَلِكَ الْفِعْلِ لَا بِغَيْرِهِ. وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ هَلْ يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي الْقَرِيبِ أَوْ لَا؟ فَإِنْ أَثْبَتَهُ لَا يُزِيلُهُ لِأَنَّ الْمُثْبَتَ بِعَيْنِهِ لَا يَكُونُ مُزِيلًا، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ. لَا يُقَالُ: شِرَاءُ الْقَرِيبِ يُثْبِتُ الْمِلْكَ لَكِنْ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي تَقْرِيبِ إعْتَاقٍ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إزَالَةُ الْمِلْكِ وَكَوْنُ ثُبُوتِ الشَّيْءِ إزَالَةً لَهُ مُحَالٌ بِالْبَدِيهَةِ. وَلَا يُقَالُ: شِرَاءُ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ بِوَاسِطَةِ مُوجِبِهِ وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ اسْتِحَالَةً لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُثْبِتُ الشَّيْءِ وَنَفْسُ ثُبُوتِهِ إزَالَةً لَهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُمْ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّرْعَ أَخْرَجَ الْقَرِيبَ عَنْ مَحَلِّيَّةِ الْمِلْكِ بَقَاءً كَمَا أَنَّهُ أَخْرَجَ الْحُرَّ عَنْ مَحَلِّيَّتِهِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً، وَهَذَا لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَقَعُ إلَّا فِي الْمِلْكِ، فَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً لَمْ يُتَصَوَّرْ زَوَالُهُ، وَمَنْ قَالَ لِأَمَةٍ قَدْ اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي فَإِنَّهَا تُعْتَقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَا يَجْزِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>