وَالْمُعْتَبَرُ تَغَيُّرُ الْقُرْصِ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ لَا تَحَارُ فِيهِ الْأَعْيُنُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ مَكْرُوهٌ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ) لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ.
وَلِهَذَا كَانَ تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ النَّافِلَةِ قَبْلَهَا مَكْرُوهٌ، وَتَكْثِيرُ النَّوَافِلِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ (وَالْمُعْتَبَرُ تَغَيُّرُ الْقُرْصِ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ لَا تَحَارُ فِيهِ الْأَعْيَنُ) أَيْ يَذْهَبُ الضَّوْءُ فَلَا يَحْصُلُ لِلْبَصَرِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ حَيْرَةٌ.
وَقَوْلُهُ: (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ سُفْيَانَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ تَغَيُّرُ الضَّوْءِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْجُدْرَانِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: أَخَذْنَا بِقَوْلِ الشَّعْبِيِّ وَهُوَ تَغَيُّرُ الْقُرْصِ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ الضَّوْءِ يَحْصُلُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَعَمَّا فَسَّرَ تَغَيُّرَ الْقُرْصِ بِهِ وَهُوَ مَا قِيلَ إذَا قَامَتْ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ قَدْرَ رُمْحٍ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَإِذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ تَغَيَّرَتْ، وَمَا قِيلَ يُوضَعُ طَشْتُ مَاءٍ فِي الصَّحْرَاءِ وَيُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْقُرْصُ يَبْدُو لِلنَّاظِرِ فَقَدْ تَغَيَّرَتْ، وَكَانَ قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ لِبَيَانِ أَنَّ تَغَيُّرَ الْقُرْصِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَتَغَيُّرَ الضَّوْءِ وَتَغَيُّرَ الْقُرْصِ بِالتَّفْسِيرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ (وَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى هَذَا الْوَقْتِ (مَكْرُوهٌ) قَالُوا: وَأَمَّا الْفِعْلُ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْفِعْلِ وَلَا يَسْتَقِيمُ إثْبَاتُ الْكَرَاهَةِ لِلشَّيْءِ مَعَ الْأَمْرِ بِهِ.
(وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ) وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَكُونُ تَأْخِيرُهَا مَكْرُوهًا لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ تَعْجِيلُهَا مُسْتَحَبًّا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا، أَلَا تَرَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ إلَى النِّصْفِ الْأَخِيرِ مَكْرُوهٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ الِاسْتِحْبَابُ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute