وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُعْتَقُ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ التَّضْحِيَةُ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ انْتِفَاءُ الْحَجِّ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ. وَلَهُمَا أَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا نَفْيُ الْحَجِّ لَا إثْبَاتُ التَّضْحِيَةِ لِأَنَّهُ لَا مَطَالِبَ لَهَا فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِمَّا يُحِيطُ عِلْمُ الشَّاهِدِ بِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يُمَيَّزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا
وَقَوْلُهُ (لَكِنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا) نُوقِضَ بِمَسْأَلَةِ السَّيْرِ الْكَبِيرِ: رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ النَّصَارَى فَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ وَصَلْت بِقَوْلِي قَوْلَ النَّصَارَى جَازَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ.
وَأَجَابَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ بِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى أَمْرٍ وُجُودِيٍّ وَهُوَ سُكُوتُ الزَّوْجِ عَقِيبَ قَوْلِهِ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلَكِنْ قَالَ الْإِمَامَانِ الْعَلَمَانِ فِي التَّحْقِيقِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ: إذَا قَالَ الشَّاهِدَانِ الزَّوْجُ لَمْ يَقُلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا هَذَا بَيَانٌ مِنْهُمَا لِإِحَاطَةِ عِلْمِهِمَا بِذَلِكَ، فَكَانَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ مُعْتَبَرًا، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مُخْتَارَ الْمُصَنِّفِ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْحَرَجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute