(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا حَتَّى أُبِيحَ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ وَالتَّخَتُّمُ بِهِ لِقَصْدِ الْخَتْمِ (وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ حَنِثَ) لِأَنَّهُ حُلِيٌّ وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ. (وَلَوْ لَبِسَ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ غَيْرِ مُرَصَّعٍ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا يَحْنَثُ) لِأَنَّهُ حُلِيٌّ حَقِيقَةً حَتَّى سُمِّيَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ. وَلَهُ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّى بِهِ عُرْفًا إلَّا مُرَصَّعًا، وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ. وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ،
الزَّوْجِ لِمَا غَزَلَتْهُ فِي الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقُطْنُ مَمْلُوكًا وَقْتَ الْحَلِفِ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حَلْيًا) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ مَا يَتَحَلَّى بِهِ النِّسَاءُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ جَوْهَرٍ، وَاسْتَدَلَّ بِإِبَاحَةِ اسْتِعْمَالِهِ لِلرِّجَالِ عَلَى أَنَّ الْخَاتَمَ مِنْ فِضَّةٍ لَيْسَ بِحَلْيٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَلْيًا لَحَرُمَ عَلَى الرِّجَالِ لِأَنَّ التَّزَيُّنَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَمَّا جَازَ التَّخَتُّمُ بِالْفِضَّةِ لَهُمْ لِقَصْدِ الْخَتْمِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ حَلْيًا أَوْ كَانَ نَاقِصًا فِي كَوْنِهِ حَلْيًا فَكَانَ مُبَاحًا (وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ حَنِثَ) يَعْنِي كَيْفَمَا كَانَ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ فَصٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ. قِيلَ الْخَوَاتِيمُ ثَلَاثَةٌ، الذَّهَبُ مُطْلَقًا، وَالْفِضَّةُ الْمَفْصُوصَةُ وَالْحَالِفُ أَنْ لَا يَلْبَسَ حَلْيًا يَحْنَثُ بِلُبْسِهِمَا، وَالْفِضَّةُ الْغَيْرُ الْمَفْصُوصَةُ وَالْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ.
وَقَوْلُهُ (وَلَوْ لَبِسَ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ) ظَاهِرٌ، وَالْعِقْدُ بِالْكَسْرِ هُوَ الْقِلَادَةُ، وَالتَّرْصِيعُ التَّرْكِيبُ، يُقَالُ تَاجٌ مُرَصَّعٌ بِالْجَوَاهِرِ. وَقَوْلُهُ (حَتَّى سُمِّيَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ) أَيْ بِالْحَلْيِ يُرِيدُ بِهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾ جَعَلَ اللُّؤْلُؤَ حَلْيًا بِجَعْلِهِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى " ﴿يُحَلَّوْنَ﴾ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute