للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يُقِيمُ الْمَوْلَى الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهُ أَنْ يُقِيمَهُ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً مُطْلَقَةً عَلَيْهِ كَالْإِمَامِ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْإِمَامُ فَصَارَ كَالتَّعْزِيرِ. وَلَنَا قَوْلُهُ «أَرْبَعٌ إلَى الْوُلَاةِ وَذَكَرَ مِنْهَا الْحُدُودَ» وَلِأَنَّ الْحَدَّ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْهَا إخْلَاءُ الْعَالِمِ عَنْ الْفَسَادِ، وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ الْعَبْدِ فَيَسْتَوْفِيهِ مَنْ هُوَ نَائِبٌ عَنْ الشَّرْعِ وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ وَلِهَذَا يُعَزَّرُ الصَّبِيُّ، وَحَقُّ الشَّرْعِ مَوْضُوعٌ عَنْهُ.

وَقَوْلُهُ (وَلَنَا قَوْلُهُ «أَرْبَعٌ إلَى الْوُلَاةِ» وَذَكَرَ مِنْهَا الْحُدُودَ) رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ: الصَّدَقَاتُ، وَالْجُمُعَاتُ، وَالْفَيْءُ. وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ الْحُدُودَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) حَقُّ اللَّهِ مَشْرُوعٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ نَفْعُ الْعَالَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالتَّنْكِيرُ لِيَتَنَاوَلَ مَا لَنَا وَمَا عَلَيْنَا، وَقَوْلِي عَلَى الْإِطْلَاقِ لِإِخْرَاجِ حَقِّ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ نَفْعُ الْعَالَمِ بِالتَّخْصِيصِ كَحُرْمَةِ مَالِ الْغَيْرِ مَثَلًا فَإِنَّهَا حَقُّ الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِ صِيَانَةِ مَا لَهُ بِهَا فَلِهَذَا يُبَاحُ بِإِبَاحَةِ الْمَالِكِ وَلَا يُبَاحُ الزِّنَا بِإِبَاحَةِ الْمَرْأَةِ وَلَا بِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا، وَتَمَامُ التَّقْرِيرِ فِيهِ مَذْكُورٌ فِي التَّقْرِيرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>