للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ قَوْلُهُ «الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ» وَقَدْ عُرِفَ طَرِيقُهُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ (إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً فَيُغَرِّبَهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى) وَذَلِكَ تَعْزِيرٌ وَسِيَاسَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفِيدُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيَكُونُ الرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ النَّفْيُ الْمَرْوِيُّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ

وَهُوَ قَوْلُهُ «الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ» وَقَدْ عُرِفَ طَرِيقُهُ فِي مَوْضِعِهِ) قِيلَ يَعْنِي فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا إثْبَاتُ النَّسْخِ: بِالْقِيَاسِ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ بَيَانٌ لِكَوْنِ الْحَدِيثِ مَنْسُوخًا بِنَاسِخٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ النَّاسِخَ مَا هُوَ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الزِّنَا فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ إمْسَاكَ الزَّوَانِي فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ وَالْإِيذَاءَ بِاللِّسَانِ، فَانْتُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» ثُمَّ اُنْتُسِخَ هَذَا الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْله تَعَالَى ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «خُذُوا عَنِّي» وَلَوْ كَانَ انْتِسَاخُ إمْسَاكِ الزَّوَانِي فِي الْبُيُوتِ بِقَوْلِهِ ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ لَقَالَ خُذُوا عَنْ اللَّهِ. وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ الَّتِي هِيَ دَلَالَةُ التَّقَدُّمِ هَاهُنَا مِثْلُ دَلَالَةِ التَّقَدُّمِ فِي حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ عُرِفَ طَرِيقُهُ فِي مَوْضِعِهِ: أَيْ دَلَّ فِي حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ «اسْتَنْزِهُوا الْبَوْلَ» وَهُوَ جَوَازُ الْمُثْلَةِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا دَلَّ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْله تَعَالَى ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ مِنْ الشَّارِحِينَ.

وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَرَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَجْمَعُ فِي الْبِكْرِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالنَّفْيِ يَعْنِي إذَا رَأَى الْإِمَامُ تَغْرِيبَ الزَّانِي مَصْلَحَةً لِدِعَارَتِهِ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ بِطَرِيقِ التَّعْزِيرِ وَالسِّيَاسَةِ (لِأَنَّهُ قَدْ يُفِيدُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيَكُونُ الرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ النَّفْيُ الْمَرْوِيُّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ) رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَلَدَ بِكْرَيْنِ وَنَفَاهُمَا إلَى فَدَكَ، وَعُمَرُ سَمِعَ قَائِلَةً تَقُولُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>