فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا قَالَتْ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي. وَلَوْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَجَبَ الْحَدُّ. وَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ: جَارِيَةُ ابْنِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا بِالْكِنَايَاتِ، وَالْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَالْمَرْهُونَةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْمُشْتَرِكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَالْمَرْهُونَةُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ. فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ.
لِأَنَّهُ بِالْهَلَاكِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ مِنْ وَقْتِ الرَّهْنِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ انْعَقَدَ لَهُ فِيهَا سَبَبُ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَيَحْصُلُ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ عِنْدَ الْهَلَاكِ.
وَوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ هُوَ أَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ عَقْدٌ لَا يُفِيدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ بِحَالٍ فَقِيَامُهُ لَا يُورِثُ شُبْهَةً حُكْمِيَّةً قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ بِحَالٍ، فَمَا أَوْرَثَ قِيَامَهَا فِي الْمَحَلِّ شُبْهَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَعَلَى هَذَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ اشْتَبَهَ أَوْ لَمْ يَشْتَبِهْ كَمَا فِي الْجَارِيَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ اشْتِبَاهٍ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِ فِي الْجُمْلَةِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي الرَّهْنِ وَقَدْ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ مِلْكٍ فِي حَقِّ الْمَالِ فَيَشْتَبِهُ أَنَّهُ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ بِهَذَا الْقَدْرِ مِلْكُ الْمُتْعَةِ أَوْ لَا، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ الثَّابِتَ بِهَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبَ مِلْكِ الْمُتْعَةِ بِحَالٍ فَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَا لَا يَشْتَبِهُ، وَبِخِلَافِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ الْمِلْكَ حَالَ قِيَامِ الْجَارِيَةِ وَمِلْكُ الْمَالِ حَالَ قِيَامِ الْجَارِيَةِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فَقَدْ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ مِلْكِ الْمُتْعَةِ، وَهَاهُنَا إنَّمَا يَمْلِكُ مَالِيَّةَ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْهَلَاكِ وَمِلْكُ الْمَالِ بَعْدَ الْهَلَاكِ لَا يُفِيدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ. ثُمَّ عَدَّ الشُّبْهَةَ فِي الْمَحَلِّ وَهِيَ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ عَلَى مَا ذَكَرَهَا (جَارِيَةُ ابْنِهِ) لِقِيَامِ الْمُقْتَضَى لِلْمِلْكِ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» (وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا بِالْكِنَايَاتِ) لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي كَوْنِهَا رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنَةً (وَالْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ) لِأَنَّ الْيَدَ الَّتِي كَانَ بِهَا مُتَسَلِّطًا عَلَى الْوَطْءِ بَاقِيَةٌ بَعْدُ فَصَارَتْ شُبْهَةً فِي الْمَحَلِّ (وَالْمَمْهُورَةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِقِيَامِ مِلْكِ الْيَدِ (وَالْمُشْتَرَكَةُ) لِقِيَامِ الْمِلْكِ فِي النِّصْفِ (وَالْمَرْهُونَةُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ) وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهُ (فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يُحَدُّ) بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَهَذَانِ النَّوْعَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute