للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ وَقَالَتْ النِّسَاءُ: إنَّهَا زَوْجَتُك فَوَطِئَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) قَضَى بِذَلِكَ عَلِيٌّ وَبِالْعِدَّةِ، وَلِأَنَّهُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا وَهُوَ الْإِخْبَارُ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِبَاهِ، إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ فَصَارَ كَالْمَغْرُورِ، وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُنْعَدِمٌ حَقِيقَةً

(وَمَنْ وَجَدَ امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) لِأَنَّهُ لَا اشْتِبَاهَ بَعْدَ طُولِ الصُّحْبَةِ فَلَمْ يَكُنْ الظَّنُّ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ، وَهَذَا

قَالَ (وَمَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ) هَذَا مِنْ بَابِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ لِأَنَّ الْفِعْلَ صَدَرَ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى دَلِيلٍ أَطْلَقَ الشَّرْعُ لَهُ الْعَمَلَ بِهِ وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَجَعَلَ الْمِلْكَ كَالثَّابِتِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْغُرُورِ كَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ اُعْتُبِرَ الْمِلْكُ كَالثَّابِتِ لِدَفْعِ الْغُرُورِ كَذَلِكَ هَاهُنَا، وَلِهَذَا إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَوْ كَانَتْ الشُّبْهَةُ فِي الْفِعْلِ لَمَا ثَبَتَ وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ (وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) يَعْنِي أَنَّهُ يَقُولُ فِيهَا إنَّ إحْصَانَهُ لَمْ يَسْقُطْ بِهَذَا الْفِعْلِ لِأَنَّهُ بَنَى الْحُكْمَ عَلَى الظَّاهِرِ فَقَدْ كَانَ هَذَا الْوَطْءُ حَلَالًا فِي الظَّاهِرِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ إحْصَانُهُ. وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمِلْكَ مُنْعَدِمٌ حَقِيقَةً فَلَمْ يَبْقَ الظَّاهِرُ إلَّا شُبْهَةً وَبِهَا يَسْقُطُ الْحَدُّ وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>