مَا خَرَجَ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ مُوجِبَةً فَلَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً.
وَلَوْ غَزَا مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِقَامَةِ بِنَفْسِهِ كَالْخَلِيفَةِ وَأَمِيرِ مِصْرَ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَنْ زَنَى فِي مُعَسْكَرِهِ لِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ، بِخِلَافِ أَمِيرِ الْعَسْكَرِ وَالسَّرِيَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ تُفَوَّضْ إلَيْهِمَا الْإِقَامَةُ.
(وَإِذَا دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَزَنَى بِذِمِّيَّةٍ أَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِحَرْبِيَّةٍ يُحَدُّ الذِّمِّيُّ وَالذِّمِّيَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يُحَدُّ الْحَرْبِيُّ وَالْحَرْبِيَّةُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ ﵀ فِي الذِّمِّيِّ) يَعْنِي إذَا زَنَى بِحَرْبِيَّةٍ، فَأَمَّا إذَا زَنَى الْحَرْبِيُّ بِذِمِّيَّةٍ لَا يُحَدَّانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَوَّلًا (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀: يُحَدُّونَ كُلُّهُمْ) وَهُوَ قَوْلُهُ الْآخَرُ. لِأَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ الْتَزَمَ أَحْكَامَنَا مُدَّةَ مُقَامِهِ فِي دَارِنَا فِي الْمُعَامَلَاتِ، كَمَا أَنَّ الذِّمِّيَّ الْتَزَمَهَا مُدَّةَ عُمُرِهِ وَلِهَذَا يُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ وَيُقْتَلُ قِصَاصًا،
وَقَوْلُهُ (وَلَوْ غَزَا) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (فِي مُعَسْكَرِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَزَنَى فِيهَا ثُمَّ خَرَجَ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (وَالسَّرِيَّةُ) قِيلَ هُمْ الَّذِينَ يَسِيرُونَ بِاللَّيْلِ وَيَخْتَفُونَ بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُ «خَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ»
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا بِأَمَانٍ) حَاصِلُ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شُمُولُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيَّةِ وَشُمُولُ الْعَدَمِ فِي الْحَرْبِيِّ وَالْحَرْبِيَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا الشُّمُولُ لَا يَتَغَيَّرُ بِمُغَايَرَةِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِلْآخَرِ بِكَوْنِهِ حَرْبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَدَمُ التَّغَيُّرِ ثَابِتٌ فِي جَانِبِ الْحَرْبِيِّ وَالْحَرْبِيَّةِ. وَأَمَّا فِي جَانِبِ الذِّمِّيِّ فَيَتَفَاوَتُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ حَالُهُمَا حَيْثُ يُحَدُّ الذِّمِّيُّ وَلَا تُحَدُّ الْحَرْبِيَّةُ، وَفِي الْعَكْسِ لَا يُحَدَّانِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَقَالَ آخِرًا بِشُمُولِ الْوُجُوبِ فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا (لَهُ أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ الْتَزَمَ أَحْكَامَنَا مُدَّةَ مُقَامِهِ فِي دَارِنَا كَمَا أَنَّ الذِّمِّيَّ الْتَزَمَهَا مُدَّةَ عُمُرِهِ) وَمَنْ الْتَزَمَ أَحْكَامَنَا تَنْفُذُ عَلَيْهِ كَالْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ (وَلِهَذَا يُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ وَيُقْتَلُ قِصَاصًا) فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الشُّرْبِ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute