للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ فَلَمْ تَثْبُتْ شُبْهَةُ الزِّنَا؛ لِأَنَّ الزِّنَا يَثْبُتُ بِالْأَدَاءِ (وَإِنْ شَهِدُوا بِذَلِكَ وَهُمْ فُسَّاقٌ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُمْ فُسَّاقٌ لَمْ يُحَدُّوا)؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ وَإِنْ كَانَ فِي أَدَائِهِ نَوْعُ قُصُورٍ لِتُهْمَةِ الْفِسْقِ.

وَلِهَذَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ يَنْفُذُ عِنْدَنَا، وَيَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ شُبْهَةُ الزِّنَا، وَبِاعْتِبَارِ قُصُورٍ فِي الْأَدَاءِ لِتُهْمَةِ الْفِسْقِ يَثْبُتُ شُبْهَةُ عَدَمِ الزِّنَا فَلِهَذَا امْتَنَعَ الْحَدَّانِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَهُوَ كَالْعَبْدِ عِنْدَهُ

(وَإِنْ نَقَصَ عَدَدُ الشُّهُودِ عَنْ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا)؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ إذْ لَا حِسْبَةَ عِنْدَ

وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الزِّنَا يَثْبُتُ بِالْأَدَاءِ) أَيْ يَظْهَرُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِأَدَاءِ الشُّهُودِ الشَّهَادَةَ، وَلَا أَدَاءَ لِلْعُمْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَالْمَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ لَا كَامِلًا وَلَا نَاقِصًا، فَانْقَلَبَتْ شَهَادَتُهُمْ قَذْفًا لِأَنَّهُمْ نَسَبُوهُمَا إلَى الزِّنَا وَلَمْ تَكُنْ نِسْبَتُهُمَا إلَى الزِّنَا شَهَادَةً فَكَانَتْ قَذْفًا ضَرُورَةً.

وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ) يَعْنِي بِالنَّصِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَثَبَّتُوا فَالْأَمْرُ بِالتَّثَبُّتِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَمَا أُمِرَ بِالتَّثَبُّتِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا شَهِدَ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ لَا بِالتَّثَبُّتِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ أَنَّ الشُّهُودَ ثَلَاثَةٌ: شَاهِدٌ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَهُوَ الْعَدْلُ، وَشَاهِدٌ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ لَكِنْ بِصِفَةِ النُّقْصَانِ وَالْقُصُورِ وَهُوَ الْفَاسِقُ، وَشَاهِدٌ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّحَمُّلِ وَلَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْأَدَاءِ كَالْأَعْمَى وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهِمَا

(وَإِنْ نَقَصَ عَدَدُ الشُّهُودِ عَنْ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ، إذْ لَا حِسْبَةَ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>