للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِي أَسْبَابِ الْحُدُودِ بِأَقْصَاهَا دَرْءًا لِلْحَدِّ. وَنِهَايَةُ السَّكْرَانِ يَغْلِبُ السُّرُورُ عَلَى الْعَقْلِ فَيَسْلُبُهُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ شَيْءٍ وَشَيْءٍ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ لَا يَعْرَى عَنْ شُبْهَةِ الصَّحْوِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَدَحِ الْمُسْكِرُ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ بِالْإِجْمَاعِ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ

أَبَا يُوسُفَ عَنْ السَّكْرَانِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَالَ: أَنْ يُسْتَقْرَأَ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقُلْت لَهُ: كَيْفَ عَيَّنْت هَذِهِ السُّورَةَ وَرُبَّمَا أَخْطَأَ فِيهَا الصَّاحِي؟ قَالَ: لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ نَزَلَ فِيمَنْ شُرِعَ فِيهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ قِرَاءَتَهَا. وَحُكِيَ أَنَّ أَئِمَّةَ بَلْخِي اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِقْرَاءِ هَذِهِ السُّورَةِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحُدُودَ يُؤْخَذُ فِي أَسْبَابِهَا بِأَقْصَاهَا دَرْءًا لِلْحَدِّ، وَنِهَايَةُ السُّكْرِ أَنْ يَغْلِبَ السُّرُورُ عَلَى الْعَقْلِ فَيَسْلُبُهُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ شَيْءٍ وَشَيْءٍ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ لَا يَعْرَى عَنْ شُبْهَةِ الصَّحْوِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عَرَفْنَا أَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِعَقْلِهِ مَعَ مَا بِهِ مِنْ السُّرُورِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نِهَايَةً فِي السُّكْرِ وَفِي النُّقْصَانِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ، وَالْحُدُودُ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلِهَذَا وَافَقَهُمَا فِي السُّكْرِ الَّذِي يَحْرُمُ عِنْدَهُ الْقَدَحُ الْمُسْكِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ هُوَ اخْتِلَاطُ الْكَلَامِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ النِّهَايَةِ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ وَالْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ يُؤْخَذُ بِالِاحْتِيَاطِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَدَحِ الْمُسْكِرِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ بِالْإِجْمَاعِ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ) لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَقَدَ حُرْمَةَ الْقَدَحِ الَّذِي يَلْزَمُ الْهَذَيَانُ وَاخْتِلَاطُ الْكَلَامِ عِنْدَهُ يَمْتَنِعُ عَنْهُ، فَلَمَّا امْتَنَعَ عَنْهُ وَهُوَ الْأَدْنَى فِي حَدِّ السُّكْرِ كَانَ مُمْتَنِعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>